فأجاب عليهالسلام : «إنّ الله تعالى لم يجعله لزمان دون زمان ، ولا لناس دون ناس ، فهو في كلّ زمان جديد وعند كلّ قوم غضّ إلى يوم القيامة». (١)
فالإمام الرضا عليهالسلام لا يشير في هذا الحديث إلى موضوع خلود القرآن فقط ، بل يشير أيضا إلى سرّ خلوده وبقائه غضا جديدا لا يتطرق إليه البلى والذبول.
فكأنّ القرآن هو النسخة الثانية لعالم الطبيعة الواسع الأطراف الذي لا يزيد الباحث عن حقائقه وأسراره إلّا معرفة بأنّه لا يزال في الخطوات الأولى على طريق الوصول إلى مكامنه الخفية وأغواره السحيقة ، وكتاب الله تعالى مثل عالمنا هذا ، حافل بالحقائق والأسرار والعجائب التي لا تنقضي ، لأنّه منزل من عند الله الذي لا تتصور له نهاية ، ولا يمكن تحديده بحدود وأبعاد ، فيجب أن تكون في كتابه لمعة من لمعاته ، ويثبت بنفسه أنّه من عنده ، ويضمّ بين دفتيه مثل عالمنا هذا ، حافل بما يدلّ على أنّه كتاب سماوي ، وليس من صنع البشر ، وهو خالد إلى ما شاء الله تعالى.
إنّ نبي الإسلام صلىاللهعليهوآلهوسلم هو أوّل من لفت الأنظار إلى تلكم المزية التي تعدّ من أهم مزاياه ، حيث يقول في وصفه للقرآن : «له ظهر وبطن ، وظاهره حكم وباطنه علم ، ظاهره أنيق وباطنه عميق ، له تخوم وعلى تخومه تخوم ، لا تحصى عجائبه ولا تبلى غرائبه ، فيه مصابيح الهدى ومنار الحكمة». (٢)
__________________
(١) البرهان في تفسير القرآن : ١ / ٢٨.
(٢) الكافي : ٢ / ٥٩٩ ، كتاب القرآن.