فلا يكاد يتصف بالحرمة أو الكراهة إذ منها ما يتمكن معه من ترك الحرام أو المكروه اختياراً كما كان متمكناً قبله فلا دخل له أصلا في حصول ما هو المطلوب من ترك الحرام أو المكروه فلم يترشح من طلبه طلب ترك مقدمتهما (نعم) ما لا يتمكن معه من الترك المطلوب لا محالة يكون مطلوب الترك ويترشح من طلب تركهما طلب ترك خصوص هذه المقدمة فلو لم يكن للحرام مقدمة لا يبقى معها اختيار تركه لما اتصف بالحرمة مقدمة من مقدماته (لا يقال) : كيف ولا يكاد يكون فعل الا عن مقدمة لا محالة معها يوجد ضرورة ان الشيء ما لم يجب لم يُوجد (فانه يقال):
______________________________________________________
فيها أيضا (١) (قوله : إذ منها ما يتمكن معه) قد عرفت أن الشيء الواحد إذا كان له مقدمات توقف وجوده على كل واحدة منها وتوقف عدمه على عدم واحدة منها وان وجدت الباقية فالحرام لما كان واجب الترك كان الواجب الغيري ما يتوقف عليه الترك الواجب فإذا كان يكفى فيه ترك واحدة كان الواجب الغيري ترك واحدة على البدل فيكون الواجب الغيري تخييريا بين تروك المقدمات فللمكلف فعل جميعها عدا واحدة (٢) (قوله : ما لا يتمكن معه) يعني المقدمة التي لا يتمكن مع فعلها من ترك الحرام كما لو فعل جميع المقدمات عدا واحدة منها فان فعلها يكون حراما حينئذ لأنه علة تامة لحصول الحرام (٣) (قوله : لا يبقى معها اختيار) بان كان الحرام فعلا اختيارياً فان من مقدماته الوجودية اختياره وإرادته (٤) (قوله : لما اتصف) أما عدم اتصاف الاختيار بالحرمة الغيرية فلأنه ليس بالاختيار ، وأما عدم اتصاف بقية المقدمات بالحرمة فلأن تركها لا يتوقف عليه ترك الحرام بالخصوص بل يكفي فيه ترك الاختيار (٥) (قوله : لا يقال كيف) إيراد على ما يستفاد من كلامه يعنى كيف يكون للشيء مقدمات توجد جميعها ويكون له فيه اختيار مع أن المقدمات لا بد أن تكون علة تامة بحيث يجب معها وجود ذيها ولذا قيل : الشيء ما لم يجب لم يُوجد ، إذ المراد من وجوبه أن توجد علته التامة التي يمتنع أن لا يوجد معها