ظرفا لمنشإ اعتباره ونسبته إلى منشإ اعتباره ليست نسبة المتأثر إلى المؤثر. هذا ولا ريب في أن الوضع من النحو الثاني إذ ليس للفظ مع معناه هيئة خاصة بل هو معه بعده كحاله معه قبله ، كما لا ريب في انه ليس من الإضافات الناشئة عن خصوصية في المتضايفين كإضافة التلازم بين المتلازمين بل له منشأ آخر وانما الإشكال في انه مجعول قصداً بحيث يعتبر من مجرّد جعله أو منتزع من إرادة ذكر اللفظ عند إرادة تفهيم المعنى ، وهذا الخلاف فيه ربما يأتي في مثله من الأحكام الوضعيّة (المختار) لبعض الأكابر هو الثاني وقد يستدل له (تارة) بالوجدان ، فان الإنسان لا يجد من نفسه عند إرادة تسمية ولده أو كتابه إلا إرادة ذكر الاسم عند إرادة تفهيم المعنى (وأخرى) بان تفهيم المعنى باللفظ انما يكون بتوسط الملازمة الذهنية بينهما وحيث أنه لا ملازمة ذاتية ذهنية كما هو المفروض ، ولا يمكن جعلها أيضا لأنها خارجة عن الاختيار فلم يبق إلا تحقيق ما يؤدي إليها من الملازمة بين ذكر اللفظ وإرادة المعنى ، فإذا تحققت هذه الملازمة بإرادة ذكر اللفظ عند إرادة تفهيم المعنى حصلت الملازمة الذهنية بتوسط العلم بالإرادة ، وإلا فلا طريق إلى حصولها أصلا ، وهذه الإرادة هي منشأ اعتبار الوضع (وأورد) عليه بعض الأعيان بما توضيحه أن الإرادة المتعلقة باللفظ إرادة غيرية ناشئة عن إرادة تفهيم المعنى ، والإرادة الغيرية تابعة للمقدمية ، إذ لو لم يكن الشيء مقدمة لم يكن مراداً بإرادة غيرية فلا بد من ثبوت المقدمية للفظ في رتبة سابقة على الإرادة وهذه المقدمية يمتنع نشوؤها من هذه الإرادة للزوم الدور ؛ ولا من غيرها لأنه خلاف الوجدان (أولا) وللزوم اجتماع المثلين في محل واحد وهو ممتنع (ثانياً) فان قلت : لا مانع من اجتماعهما على أن تكون إحداهما مؤكدة للأخرى (قلت) : يمتنع التأكد في المقام لاختلاف الرتبة إذ الوجود المتأكد في رتبة واحدة ، ولأنه يقال في الإرادة الأخرى التي تنشأ عنها المقدمية هي إما نفسية ، ـ وهو خلاف الوجدان ـ وإما غيرية فلا بد من ثبوت مقدميتها في رتبة سابقة عليها فيجري فيها ذلك أيضا وهكذا فتأمل ، فيتعين الالتزام بأن المقدمية مجعولة