المقصد الثاني في النواهي
(فصل)
الظاهر أن النهي بمادته وصيغته في الدلالة على الطلب مثل الأمر بمادته وصيغته غير أن متعلق الطلب في أحدهما الوجود وفي الآخر العدم فيعتبر فيه
______________________________________________________
(المقصد الثاني في النواهي)
(١) (قوله : بمادته وصيغته) المراد من مادة النهي مادة الاشتقاق ل (نهى) ينهى نهياً ، ومن صيغته : لا تفعل ، ونحوه مما هو بمعناه يعنى كما أن مادة الأمر وصيغته دالتان على الطلب كذلك مادة النهي وصيغته وانما الفرق بينهما أن الطلب المدلول عليه بالأولتين متعلق بالوجود والمدلول عليه بالآخرتين متعلق بالعدم «أقول» : قد عرفت الإشارة إلى أن الوجود ليس مأخوذاً في مفهوم الأمر فانه قد يتعلق بالعدم كما يتعلق بالوجود فيقال : أمره بالترك كما يقال : أمره بالفعل ، وكذلك صيغته فانها قد تكون مادتها الترك مثل : اترك ، وكذلك العدم ليس مأخوذاً في مفهوم النهي فانه يتعلق بالوجود كما يتعلق بالعدم فيقال : نهاه عن الفعل كما يقال : نهاه عن الترك ، وكذلك صيغته فيقال : لا تفعل ؛ كما يقال : لا تترك ، فالتحقيق أن النهي بمادته ضد الأمر يتوارد معه على أمر واحد وجود أو عدم فهو يقتضي الزجر عنه والأمر يقتضي البعث إليه. نعم لا بد أن يراد من متعلقه سواء أكان فعلاً أم تركا ، ما هو بالحمل الشائع فعلا أو تركا لا نفس المفهومين من حيث هما فمعنى النهي عن القيام الزجر عنه والمنع عن القيام الخارجي الّذي هو الوجود القيامي ويلازمه طلب عدمه ، كما أن معنى الأمر بالقيام البعث إليه ويلازمه النهي عن عدمه كما تقدم في مبحث الضد ، وأما صيغته فقد عرفت أن معنى الخبر والإنشاء واحد وإنما الاختلاف بينهما بقصد الحكاية عن ثبوته في الخبر وقصد إثباته في الإنشاء فيكون معنى لا تفعل ـ خبراً