ما في استدلال الأشاعرة على المغايرة بالأمر مع عدم الإرادة كما في صورتي الاختبار والاعتذار : من الخلل ، فانه كما لا إرادة حقيقة في الصورتين لا طلب كذلك فيهما ، والّذي يكون فيهما إنما هو الطلب الإنشائي الإيقاعي الّذي هو مدلول الصيغة أو المادة ، ولم يكن بيِّناً ولا مبيِّناً في الاستدلال مغايرته مع الإرادة الإنشائية ، (وبالجملة) : الّذي يتكفله الدليل ليس إلّا الانفكاك بين الإرادة الحقيقة والطلب المنشأ بالصيغة الكاشف عن مغايرتهما وهو مما لا محيص عن الالتزام به ـ كما عرفت ـ ولكنه لا يضر بدعوى الاتحاد أصلا لمكان هذه المغايرة والانفكاك بين الطلب الحقيقي والإنشائي كما لا يخفى (ثم) إنه يمكن مما حققناه ان يقع الصلح بين الطرفين ولم يكن نزاع في البين بان يكون المراد بحديث الاتحاد ما عرفت من العينية مفهوماً ووجوداً حقيقياً وإنشائياً ويكون المراد بالمغايرة والاثنينية هو اثنينية الإنشائي من الطلب ـ كما هو كثيرا ما يُراد من إطلاق لفظه ـ والحقيقي من الإرادة ـ كما هو المراد غالباً منها حين إطلاقها ـ
______________________________________________________
وحمله القوشجي على اعتقاد الشاعر ثبوت كلام نفسي تقليداً أو على كون المقصود الأصلي من الكلام هو الدلالة على ما في الضمير ، وبهذا الاعتبار يسمى كلاما فأطلق اسم الدال على المدلول وحصره تنبيهاً على انه آلة يتوصل بها إليه فكأنه هو المستحق لاسم تلك الآلة ... إلخ (١) (قوله : ما في استدلال الأشاعرة) يعني أن الأشاعرة ادعوا ان الطلب غير الإرادة واستدلوا عليه بأنه قد يأمر الرّجل بما لا يريده كالمختبر لعبده انه يطيعه أولا وكمن يريد أن يعتذر عن ضرب عبده فانه يأمر عبده فيعصيه العبد فيضربه معتذراً بأنه عصاه إذ الأمر في هذين المقامين ليس عن إرادة نفسية (٢) (قوله : من الخلل) بيان لما في قوله : ما في الاستدلال (٣) (قوله : فانه كما لا إرادة) بيان لوجه الخلل (قال) القوشجي : واعترض عليه بان الموجود في هاتين الصورتين صيغة الأمر لا حقيقته إذ لا طلب فيهما أصلاً كما لا إرادة قطعا (قوله : بين الطلب)