وعرف الله ربه ، أن العرش والكرسي ليسا مما ذهب إليه المشبهون لله بما صنع ، وبعض ما خلق من خلقه وابتدع ، سبحانه وتعالى عن ذلك ، وعن أن يكون كذلك ، وهل يمكن في وهم أو حقيقة حق ، أن يكون الخالق أبدا كشيء من الخلق؟! أو لم يسمع من توهم ذلك أو ظنه ، قاتله الله ما أضل وهمه وظنه ، قول الله العليم الخبير : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) [الشورى : ١١]. وقوله سبحانه : (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ (٤)) [الإخلاص : ٤]. والكفؤ فهو المثل والنظير ، فتعالى من لا نظير له ولا مثل ، (١) ولا كفؤ له ولا عدل ، الذي كل موجود سواه فخلقه وصنعه ، والله فخالق ذلك كله ومبتدعه ، كبيره في صنع الله كصغيره ، وأوله في أنه صنع لله كأخيره ، لا ينكر ذلك ولا يجهله ، إلا من جهل الله جل جلاله.
وقد قال العماة والجاهلون ، الذين لا يفهمون ولا يعقلون : إن الله خلق آدم على صورة نفسه (٢) ، وإنه يضحك حتى تبدو نواجذه (٣). ونواجذ الإنسان أنيابه التي جنب (٤) أضراسه ، فشبهوه في ذلك وغيره ـ تعالى قدسه ـ بالناس ، وزعموا أن علمه وإدراكه لما علم وأدرك إنما هو بالحواس ، فقالوا : إن علمه ودركه لما يرى ويبصر إنما هو بالبصر ، وإن سمعه لما يسمع كما يعقل من سمع البشر ، ومن قال بذلك في الله ، فقد
__________________
(١) في (أ) و (ب) و (د) : من لا مثل له ولا نظير. وفي (ج) : لا مثل ولا نظير. وما أثبت اجتهاد مني لأنه أوفق لكلام الإمام.
(٢) أخرج حديث : إن الله خلق آدم على صورته. البخاري (فتح ١١ / ٣) ، ومسلم ٤ / ٢٠١٧ (١١٥) ، وأحمد في مسنده ٢ / ٤٣٤ ، والبخاري في الأدب المفرد / ٧٣ ، وابن أبي عاصم في السنة / ٢٢٨ (٥١٦) و (٥٢١) ، والبيهقي في الأسماء والصفات / ٢٩١ ، وذكره ابن حجر في فتح الباري ٥ / ١٨٣.
(٣) حديث : إن الله ضحك حتى بدت نواجذه. تعالى الله سبحانه عن ذلك ، أخرجه أبو عوانة في المسند ١ / ١٣٩. بل روى أبو عوانة أن الله ضحك حتى بدت لهواته وأضراسه. المسند ١ / ١٣٩ ، وابن منده في الإيمان / ٨٠٤.
ورووا : لن نعدم من رب يضحك خيرا. أخرجه ابن ماجة ١ / ٦٤ (١٨١) ، والطبراني في الكبير ١٩ / ٢٠٨٢٠٧ ، وأحمد في المسند ٤ / ١١. ولفظ الحديث : ضحك ربنا من قنوط عباده وقرب غيره. قلت : يا رسول الله أو يضحك الرب؟! قال : نعم. قلت : لن نعدم من رب يضحك خيرا. تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا!!!
(٤) في (أ) و (ج) : التي إلى جنب.