فكذلك يبقى فيها يوم القيامة ، وفي الآخرة الباقية الدائمة ، من أطاع الله في هذه الحياة الدنيا ، وقام بما يجب له عليه فيها من التقوى ، فيدوم في الجنة له النعيم والتخليد ، ويبقى له ما هو فيه من نعيمها فلا يبيد ، فطاعة الله مفتاح الخلد في الجنة ، واليقين بالله مفتاح كل طاعة وحسنة ، فأيقن بالله تحسن ، وأحسن لله تؤمن.
[صفات المؤمن]
واعلم يا بني أنك لن توقن حتى تعرف الموقنين ، ولن تؤمن حتى تؤمن (١) للمؤمنين ، ومن الموقنين أبوك إبراهيم خليل الرحمن ، والمؤمنون فمن (٢) أمن من الكفر وكبائر العصيان (٣) ، وأعمال الموقنين من البر فدليل على إيقانهم ، وترك المؤمنين (٤) للكفر وكبائر العصيان فحقيقة إيمانهم ، فاسمع يا بني لخبر الله الذي لا خبر كخبره (٥) عن يقينهم ، وما كانوا يعملون به لله في دينهم ، من الصالحات ، ويسارعون فيه من الخيرات ، فإنه يقول سبحانه : (إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (٥٧) وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (٥٨) وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ (٥٩) وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ (٦٠) أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَهُمْ لَها سابِقُونَ)(٦١) [المؤمنون : ٥٧ ـ ٦١].
ويقول سبحانه : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٢) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (٣) أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (٤)) [الأنفال : ٢ ـ ٤].
__________________
(١) أي : تصدق.
(٢) في (ص) : ممن.
(٣) في (أ) و (ج) : كبائر الكفر والعصيان.
(٤) في (أ) و (ب) و (ج) و (و) و (ه) : لكبائر الكفر والعصيان. وفي حواشي (و) كما أثبت.
(٥) في (ص) : كخبر.