تعديدنا ، ولا نستقصيه (١) وإن جهد تحديدنا ، من لطيف شواهد معرفة الله سبحانه وجلائلها ، وما جعل الله من شواهد المعرفة به (٢) ودلائلها.
وكفى بما ذكرنا لمعرفة الله عزوجل علما منيفا شامخا ، وعلما بالله يقينا في النفوس ثابتا راسخا ، لا يدفعه إلا بمكابرة للعقول ملحد ، ولا يصدف (٣) عن الاقرار به إلا معاند ملد(٤) ، والحمد لله الذي لا يهتدي للخير أبدا إلا من هداه ، ولا يصيب الرشد إلا من آتاه إياه ، كما قال سبحانه : (وَلَقَدْ آتَيْنا إِبْراهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عالِمِينَ (٥١)) [الأنبياء: ٥١]. وقال : (وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (٧٥)) [الأنعام : ٧٥].
[الايمان قول وعمل واعتقاد]
فقلب الإيمان من كل عصيان اليقين بالله وبعلمه (٥) ، وإبراء الضمائر من توهّمه ، فإنه لا تجول أوهام المتوهّم ، إلا في كل ذي صورة وتجسّم ، ومن توهم الله جسما ، فلم يصب بالله علما ، ولم يقارب من اليقين بالله شيئا ، ولذلك كان حشو (٦) هذه العامة من اليقين بالله براء ، ولما التبس بقلوبهم وأنفسهم من ذلك واعتقاده ، اقتادهم وليّهم إبليس بالمعصية في قياده ، فحثوا له بالعصيان لله سراعا عنقا (٧) ، وآثروا رضاه على رضى الله إذ لم يؤمنوا (٨) به فسقا ، فبدلوا معالم أموره ، وعموا عن ضياء نوره ، ثمّ لم
__________________
(١) في (أ) و (ه) : ولا يستقصيه.
(٢) سقط من (ب) و (ج) : به.
(٣) أي : يعرض ويميل.
(٤) المتمادي في اللجاجة.
(٥) في (أ) : وعلمه. وفي (د) : وتعليمه.
(٦) الحشوية : طائفة جبرية مشبهة ، وسميت حشوية : لحشوهم الأحاديث التي لا أصل لها في الأحاديث المروية عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم. الحور العين / ٢٥٨.
(٧) نوع من السير السريع.
(٨) في (ب) و (ج) : يوقنوا.