بعد صفوة ، كذلك يصطفي الله من كل قوم خيرهم ، فاصطفى من اليمن هودا وصالحا وشعيبا (٢).
فإن زعم زاعم أن هودا وصالحا وشعيبا من ولد إبراهيم. يقال لهم : ألا ترون أن الله قص علينا خبرهم ، ثم قال في كتابه ، عن قول صالح لقومه : (وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ عادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِها قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ الْجِبالَ بُيُوتاً فَاذْكُرُوا آلاءَ اللهِ) [الأعراف : ٧٤]. هذا من قبل إبراهيم.
ثم اصطفى الله من الأعاجم إبراهيم خليله ، فجرت النبوة والخلافة والإمامة في ولده ، ثم جرت من ولده في ولد إسحاق ، ثم اصطفى من ولد إسحاق يعقوب ، ثم اصطفى من ولد يعقوب يوسف ، ثم اصطفى من ولد إسحاق أيوب ، وهو من غير ولد يعقوب ، ثم جرت الصفوة في ولد يعقوب ، حتى انتهت الصفوة إلى موسى بن عمران ، ولم يكن موسى من يوسف ، ثم جرت الصفوة في يوشع بن نون ، وكان يوشع خير أهل زمانه ، ثم جرت الصفوة في ولد هارون ، وإنما تنتقل الصفوة من بطن إلى بطن من بني إسرائيل حتى انتهت الصفوة إلى عيسى بن مريم.
ثم جرت الإمامة والزعامة فيمن تبع عيسى بن مريم ، حتى انتهت كرامة نبوة الله إلى محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وعلى جميع النبيين ، فانتقلت من ولد إسحاق إلى ولد إسماعيل ، وجرى الأمر والصفوة في ولد إسماعيل ، إذ صار الأمر إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، وجرى الأمر في ولد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم الصفوة بعد الصفوة.
[صفة الإمام]
وإنما الصفوة (٣) لا تكون إلا في أخير أهل زمانه ، وأكثرهم اجتهادا ، وأكثرهم
__________________
(١) في (ب) و (د) : ولكن.
(٢) في (أ) و (ج) : وشعيبا وإبراهيم. وهو سهو من الناسخ.
(٣) سقط من (أ) و (ب) و (ج) : وإنما الصفوة.