مرحلة العطاء
تلك مرحلة تلقيه العلم والمعارف ، وهذه مرحلة العطاء ، فما موقعه في سلم العطاء؟ وما عطاؤه؟
ما إن كان يتناهى إلى سمعه شبهة تلقى على الإسلام ، إلا ويهب هبة الأسد الهصور ، ويثب وثبة العالم الخبير ، ليبددها ويجليها ، بحكمة الحكيم المستبصر ، وأناءة العالم المتنوّر.
الفلسفة اليونانية والفلاسفة
فها هو يفند مزاعم فلاسفة اليونان ، ويهدم صروحها ، فلقد أخذت رسالة الدليل الكبير في الرد على الزنادقة والملحدين والفلاسفة طابعا حواريا ، بين الشبهة والدليل ، والسؤال والإجابة ، والملحد والشيخ ، وهو أسلوب فلسفي قديم ، آثره الفلاسفة في كتاباتهم سيما إذا كانوا يجادلون ويناظرون الآخر ، الحجة بالحجة ، والدليل بالدليل ، بقصد الإقناع والوصول إلى الحقيقة.
إذا فضّل القاسم بن إبراهيم الحوار الجدلي الإقناعي على غيره ، فجاء أسلوبه سلسا سهلا ، يتحلى بالوضوح والبرهان ، وكلماته جزلة سهلة معبرة عن دلالاتها ، فلم نجد في أسلوبه ولا كلماته غريبا أو وحشيا من القول أو غامضا من العبارة ، وبالجملة كان أسلوبه فلسفيا خالصا ، لم يلجأ فيه للمناورة أو المداورة أو الأساليب المغالطة والسفسطة ، بل مال للتبسط ، فاعتمد الاستقراء إلى حد كبير ، وكانت النتيجة الكلية هي الإجابة عن مغالطات الفلاسفة ، وتفنيد دعاواهم الساذجة.
إذا ما تعرضنا إلى ثقافة القاسم بن إبراهيم الفلسفية ، نجده على وعي ودراية كاملة بالفلسفية اليونانية القديمة على الرغم من وجوده إبان عصر الترجمة بما يعنى أنه عرفها قبل قيام المأمون بترجمة الفلسفة اليونانية ، وهضمها وصار في طور أرقى وهو نقدها والتعرض لها بالفحص الدقيق ، خصوصا في جانبها الميتافيزيقي أو الغير الإلهي.
كما كان على دراية ومعرفة أيضا بالفلسفات الشرقية وتعرض لها بالنقد ،