وأهل الذكر ، الذين بهم وحّد الرحمن ، وفي بيتهم نزل القرآن ، ولديهم التأويل والبيان ، وبمفاتيح منطقهم نطق كل لسان. وبذلك حث عليهم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بقوله : (إني تارك فيكم الثقلين ، لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ، مثلهم فيكم كسفينة نوح من ركبها نجا ، ومن تخلف عنها غرق وهوى).
فقد أصبحوا عندي بحمد الله مفاتيح الهدى ، ومصابيح الدجا ، لو طلبنا شرق الأرض وغربها لم نجد في الشرق مثلهم ، فأنا أقفو آثارهم ، وأتمثل مثالهم ، وأقول بقولهم ، وأدين بدينهم ، وأحتذي بفعلهم (١).
الثانية : تناول مواضيع ساخنة :
كما أسلفنا لم يكن التأليف عند الإمامة حالة ترف فكري ، وتأليف من أجل التأليف ، أو أنه كان يتناول مواضيع مألوفة وأفكارا مكرورة ، بل إن المواضيع التي طرحها والأفكار التي نقدها وفندها ، كانت مواضيع ساخنة وتساؤلات مشروعة ، ورؤي معروضة بشكل مستفز ، وكانت أكثر المواضيع حساسية في ذلك العصر ، ولا زالت إلى عصرنا هذا.
الثالثة : أصالة الحجة :
لم يعتمد الإمام القاسم في استدلالاته على حجج غير ناهضة بالمقصود ، ولا على حجج دخيلة على الفكر الإسلامي ، وإنما اعتمد الحجج الأصيلة من صريح المعقول وصحيح المنقول.
* * *
__________________
(١) الجواب لأهل صنعاء ، المجموعة الفاخرة / ١٤٤ ـ ١٤٥.