بالإلهية ، ويذكّر بأدلة الله في كل شيء وآيات صنعه لها ، على حقيقة ذاته تعالى.
الملاحدة
وهذا أحد الملاحدة في مصر ، يلقي بشبهاته على علماء المسلمين في عصره ، فلا يجد من يتصدى لشبهاته بالتفنيد ، ويأخذ بيده إلى مرفأ الأمان ، بالحجة والبرهان. بل ينتقص علماء الإسلام ، ويهزأ بالإسلام ، سيما عند ما يجابه بالطرد والشتائم من العلماء العاجزين عن رد شبهته ، ونزل الإمام القاسم مصر فوجد أهل مصر يحبون آل البيت حبا شديدا ، وفتحوا بيوتهم له ، وأخفوه عن أنظار السلطة ، ومع ذلك لم يكن غائبا عما يحدث في الحياة العامة ولا في مجالس الحكام والعلماء ، وما ينزل ويحل في العامة من حوادث ، وما يجد في الحياة من حوله.
وكأثر من آثار تسامح المسلمين حكاما وشعبا مع غيرهم من أهل الذمة والكفار والملحدين والمجوس والمانوية الثنوية وغيرهم ، بدأ هؤلاء في غزو الحياة الثقافية الإسلامية ، كما أشرنا من قبل ، يناظرون العلماء ويتحرشون بالعامة ، بغية هزيمة الإسلام فكريا بعد أن هزمهم عسكريا واجتماعيا.
وسمع الإمام القاسم بما أنزل أحد الملحدين بجمهور العلماء في مصر من نكبة عرفها العامة والخاصة وسار بذكرها الركبان ، وهو في إحدى دور المصريين متخفيا ، فلم يطق ما حل بالمسلمين ونزل بالعلماء ، واقترح على صاحب الدار أن يرتب له مع هذا الملحد لقاء ومناظرة ، ينازله فيها وينتصف للإسلام وأهله منه. فأتاه به ، فلما دخل عليه قال له : (إنه بلغني أنك تعرضت لنا ، وسألت أهل نحلتنا عن مسائلك ، تريد أن تصيد أغمار بهم بحبائلك ، حين رأيت ضعف علمائهم عن القيام بحجج الله ، والذب عن دينه ، ونطفت على لسان شيطان رجيم ، (لَعَنَهُ اللهُ وَقالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً (١١٨)) [النساء : ١١٨].
فقال الملحد : أما إذا عبت أولئك وعيّرتهم بالجهل ، فإني سائلك وممتحنك ، فإن أنت أجبت ، وإلا فأنت إذا مثلهم.
فقال الإمام القاسم ـ واضعا قواعد فن الحوار ـ : قل ما بدا لك ، وأحسن