(الرد على من أنكر أن يكون الله واحدا ليس بذي أبعاض)
الحمد لله الذي عن شبه كل شيء تعالى ، وشاهد كل ملاء وهو في السموات العلى ، على العرش استوى ، ولا يخفى عليه النجوى ، وهو يرى ولا يرى ، سبحانه ، فليس عليه شيء يخفى ، وليس كمثله شيء ، وهو الواحد الصمد الباري المصور ، وليس بصورة بل هو مصوّر الصورة ، وهو السميع العليم ، قال الله عزوجل : (إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ) [الأنعام : ١٩]. يخبر بوحدانيته في آي كثير.
والواحد في اللغة له معان :
أحدها : البائن بالفضل والسؤدد.
ومعنى آخر يقول الناس : هذا شيء واحد ليس له نظير في الشبه.
ويقال : هذا وهذا واحد يراد أنهما متماثلان ، وقد يقول المرء : قولي وقولك واحد ، أي مثله ، ويقال : لأقل قليل القلة هذا شيء واحد ، يراد ثباته وتعطيل الثاني ، بمعنى ليس له نظير ولا شبيه ، بمعنى أنه ليس فيه اختلاف ، وهذا معنى قولنا الله واحد ليس من عدد ، ولا هو عدد ، كما الانسان واحد عدد ، كما أن الإنسان أعضاء وكل عضو يقال إنه واحد ، فإذا اجتمعت الأعضاء قيل واحد ، فهو واحد عدد آحاد ، وهو من عدد آحاد مثله ، لأنك تقول : هذا إنسان واحد ، وتقول الآخر واحد فصاعدا ، فكل واحد منهما واحد من عدد ، وليس الله سبحانه واحدا من عدد ، على معنى ما ذكرنا من معاني الواحد من غيره.
وقد قالت العرب : إن فلانا واحد قومه أي : سيدهم ، وهو واحد القوم ، وإن كان له الاتباع والعبيد والأموال.
ويقال : إن فلانا واحد الناس. أي : ليس له نظير ، يعنون في السؤدد والكرم.
واعلم أن الله واحد في الربوبية والعز والكبرياء ، واحد بنفسه لا بغيره ، وهو واحد لا ثاني معه ، ولا مثل له في صفة ولا ذات ، ولا في قول ولا في فعل ، ولا في معنى من المعاني كلها ، ولا له مثل في صفة ولا في معنى شرف وفضل ، ولا يزول عنه هذا المعنى الذي هو شرف في كل معنى ، إذ لا شيء يشبهه ، ولا هو شيء يشبه شيئا ، ولو جاز