مثل السؤال بما ، مع أنهما شيئان مختلفان ، فا «ما» يسأل بها عن الحقيقة ، وأما أين فيسأل بها عن المكان.
وكذلك أتى الرسل عليهمالسلام بالبيان الواضح الصريح ، ولكنكم تقولون أنهم عمدوا إلى الألغاز والتعمية ولم يبينوا الحق الذي يجب على الناس اعتقاده. فأين يا قوم الألغاز من البيان ، وهل هما إلا ضدان لا يجتمعان. إن الألغاز في الكلام لا يتم إلا بأمرين : أحدهما أن لا يقصد من اللفظ معناه الذي يدل عليه بوضع اللغة ، وثانيهما أن يكون المقصود من اللفظ مما لا يفهم من اللفظ عند إطلاقه ، فهذا هو الألغاز الذي يعرفه الناس ، فهل كلام الرسل كذلك؟
يا قوم ألا تستحيون من وصف كلام الرسل الذين بعثوا للبيان بالأحاجي والألغاز ، وهم أعرف منكم بالحق الذي يدعون إليه ، وأتم نصحا للخلق وإرشادا لهم وشفقة عليهم ، وأقدر منكم على البيان والأداء لما يريدونه من معان ، فهل ترونهم قد ألغزوا في التوحيد وقصروا في بيانه حتى جئتم أنتم فبينتموه؟
أم ترونهم قد أظهروا التشبيه الذي هو عندكم قرين عبادة الأوثان ، حتى جئتم أنتم فدللتم الناس على التنزيه.
فإذا كان الحق هو ما قلتم أنتم ، فلأي شيء لم يقولوا هم بمثل ما قلتم في حق اللهعزوجل.
ولأي شيء صرحوا هم بخلاف ما قلتم تصريحا مفصلا لا كتمان فيه ولا إجمال ولا اشتباه.
بل ولأي شيء بالغوا في الإثبات الذي هو عندكم تجسيم وتشبيه ، كما بالغتم أنتم في النفي والتعطيل بحجة التنزيه.
* * *
ولأي شيء أنتم بالغتم |
|
في النفي والتعطيل بالقفزان |
فجعلتم نفي الصفات مفصلا |
|
تفصيل نفي العيب والنقصان |