هذه هي دعوة الرسل كلهم وهي صريحة في إثبات الصفات ، وأما أنتم فعلى النقيض من ذلك ، جئتمونا بالنفي والتعطيل ، والإلحاد والتأويل ، بل وزدتم على ذلك أنكم تشهدون بالكفر على من يثبت الصفات ويثبت لله العلو فوق جميع المخلوقات ، ويثبت له النداء بحروف وأصوات ، فالرسل يشهدون بالإيمان لمن أقرّ بعلوه سبحانه فوق جميع الأكوان ، ولكنكم أنتم تشهدون عليه بالكفران يا أمة الظلم والعدوان.
* * *
وأتى بأين الله اقرارا ونط |
|
قا قلتم هذا من البهتان |
فسلوا لنا بالأين مثل سؤالنا |
|
ما الكون عندكم هما شيئان |
وكذا أتونا بالبيان فقلتم |
|
باللغز أين اللغز من تبيان |
إذ كان مدلول الكلام ووضعه |
|
لم يقصدوه بنطقهم بلسان |
والقصد منه غير مفهوم به |
|
ما اللغز عند الناس إلا ذان |
يا قوم رسل الله أعرف منكم |
|
وأتم نصحا في كمال بيان |
أترونهم قد ألغزوا التوحيد إذ |
|
بينتموه يا أولي العرفان |
أترونهم قد أظهروا التشبيه وه |
|
ولديكم كعبادة الأوثان |
ولأي شيء صرحوا بخلافه |
|
تصريح تفصيل بلا كتمان |
ولأي شيء بالغوا في الوصف با |
|
لإثبات دون النفي كل زمان |
الشرح : وأتى الرسول صلىاللهعليهوسلم بلفظ الأين الذي يسأل به عن المكان مرة إقرارا حيث أقر السائل الذي قال له (أين كان ربنا قبل أن يخلق السموات والأرض)؟ ومرة نطقا حيث سأل الجارية التي أراد سيدها أن يعتقها بقوله «أين الله؟». ولكنكم أنتم تجعلون السؤال بالأين كذب وبهتان ، لأنه إثبات للمكان ، وتقولون أن معنى قوله «أين الله» في الحديث (ما الله) فتجعلون السؤال بالأين