وهي تثبت فقر العباد جميعهم إليه ، فاليه يصمد كل مخلوق ، لا صمد لهم غيره عزوجل شأنه.
وهو سبحانه لا يشبهه شيء من خلقه ، ولا يشبه هو شيئا ، فتلك مشابهة مستحيلة لكنها لا تقتضي نفي شيء من صفاته الثابتة له ، ولا نفي علوه وكلامه ، فإن إثبات الصفات لا يستلزم المشابهة إلا عند هؤلاء الذين أشربوا التشبيه في قلوبهم ، فهم لا يفرون منه إلا ليقعوا فيه.
ومن العجيب أنهم يموهون على البسطاء ، فيسمون نفيهم للصفات تنزيها ، فيجعلون التنزيه مرقاة يصعدون منها إلى الإنكار والتعطيل.
فليس التشبيه هو إثبات الصفات ، فإن الإثبات حق لا شك فيه ، وإنما التشبيه هو اعتقاد أن صفاته مثل صفات المخلوقين ، بأن يقال له علم كعلمنا وقدرة كقدرتنا ويد كيدنا الخ ، فأين هذا من إثبات الكمال له حتى تجعلوهما شيئا واحدا؟ إنهما شيئان مختلفان ، وما هما عند العاقل المنصف سيان.
* * *
فصل
في تلازم التعطيل والشرك
واعلم بأن الشرك والتعطيل مذ |
|
كانا هما لا شك مصطحبان |
أبدا فكل معطل هو مشرك |
|
حتما وهذا واضح التبيان |
فالعبد مضطر إلى من يكشف الب |
|
لوى ويغني فاقة الإنسان |
وإليه يصمد في الحوائج كلها |
|
وإليه يفزع طالب لأمان |
فإذا انتفت أوصافه وفعاله |
|
وعلوه من فوق كل مكان |
فزع العباد إلى سواه وكان ذا |
|
من جانب التعطيل والنكران |
فمعطل الأوصاف ذاك معطل الت |
|
وحيد حقا ذان تعطيلان |
قد عطلا بلسان كل الرسل من |
|
نوح إلى المبعوث بالقرآن |
والناس في هذا ثلاث طوائف |
|
ما رابع أبدا بذي امكان |