والمركز ، ولا تكفي الكرة للمحلية ، لاستحالته في جميع الأجزاء غيره ؛ ولأنّ إمكان الفرض سابق عليه ويتعلق بمحل خاص ؛ ولأنّ الفرض تابع للتميز في نفسه ، لاستحالة وقوعه في أيّ جزء كان.
الثاني : إذا تحرك الجسم على آخر ، لاقى طرف المتحرك دائما من المتحرك عليه شيء لم يلقه أوّلا. واختلاف الأعراض وإن كانت إضافية يقتضي حدوث القسمة ، فالقاسم أبدا قائم ، والمنقسم أبدا قابل ، فوجب أن تحدث فيه انقسامات بالفعل غير متناهية ؛ لأنّه متى صار ملاقيا بحدوث حدود المسافة فقد حدث ذلك الحدّ وقبل ذلك الحدّ كان ملاقيا لحدّ آخر وقبل ذلك الحدّ حدّا آخر ، فإذا كان قبول القسمة غير متناه فلا حدّ يفرض إلّا وقد حدث قبله حدود أخر غير متناهية بالفعل بسبب الملاقيات المتعاقبة ، وحينئذ يعود المحال.
الثالث (١) : اختلاف الأعراض الإضافية موجب لحدوث الانقسام بالفعل ، وكلّ جسم موجود فإنّه لا بدّ وأن يلاقي بأحد طرفيه شيئا غير ما يلقاه بالطرف الآخر ، فيلزم أن يحدث في ذلك الجسم انقسام بالفعل. ثمّ إنّ أحد نصفيه يلاقي بأحد وجهيه شيئا غير ما يلاقيه بوجهه الآخر ، فيلزم أن ينتصف ذلك النصف أيضا ، فإذا كان قبول القسمة حاصلا أبدا وكان المقسم بالفعل وهو اختلاف المماسات حاصلا بالفعل أبدا لزم حصول الانقسامات بالفعل أبدا.
فظهر أنّ الجسم لو كان قابلا لانقسامات غير متناهية لكانت تلك الانقسامات بأسرها حاصلة بالفعل.
لا يقال : هذا مبني على أنّ الجسم إذا لقي بأحد طرفيه شيئا غير الذي لقيه بطرفه الآخر فإنّه ينتصف ذلك الجسم ، وليس كذلك ، بل يمتاز أحد جانبيه عن الآخر بالفعل ، وجانبه سطح وهو عرض.
__________________
(١) راجع المطالب العالية ٦ : ٦٧.