ببذلها على أنفسهم وعلى المجاهدين في الجهاد (وَأَنْفُسِهِمْ) ببذلها بالقتل في سبيل الله حالكونهم (فِي سَبِيلِ اللهِ) أو في حفظ سبيل الله وهو النّبوّة أو في تحصيل سبيل الله وهو الولاية ، أو المعنى انّ الّذين آمنوا بالايمان العامّ من افراد الإنسان في العالم الكبير ومن أولاد آدم الّذين هم القوى الانسانيّة في العالم الصّغير وهاجروا من أوطان شركهم النّفسانيّة الى مدينة صدورهم الّتى هي مدينة رسولهم الباطنىّ ، وجاهدوا في سبيل الله الّذى هو سبيل القلب بأموالهم الحقيقيّة الّتى هي قواهم ومداركهم بتضعيفها بالرّياضات والمجاهدات ، أو المعنى انّ الّذين آمنوا بالايمان الخاصّ بالبيعة الخاصّة وهاجروا من أوطان شركهم الى مدن صدورهم وجاهدوا بأموالهم الحقيقيّة وأنفسهم حالكونهم في سبيل الله وهو طريق الولاية الموصلة لسالكها الى الفناء في الله أو في حفظ سبيل الله وكلّ المعاني لكونها مترتّبة متصاعدة طوليّة لا عرضيّة مرادة من غير لزوم استعمال اللّفظ في أكثر من معنى كما مرّ مرارا (وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا) هم الأنصار الصّوريّة بحسب المعنى الاوّل وبحسب المعاني الاخر من يليق بها (أُولئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) أولياء المحبّة ادّاه بصورة الخبر اشارة الى انّ ولاية المحبّة لازمة لهم أو أولياء الميراث كما ورد في الاخبار وورد انّها منسوخة بآية (أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ) (وَالَّذِينَ آمَنُوا) بالبيعة العامّة أو بالبيعة الخاصّة (وَلَمْ يُهاجِرُوا) من دار الشّرك الصّوريّة أو من دار الشّرك النّفسانيّة (ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ) لانّهم لم يقرنوا وصلهم الصّورىّ الحاصل بالبيعة الصّوريّة بالوصل المعنوىّ بالخروج في طريق الخليفة الصّوريّة أو الباطنيّة فلم يتّصلوا معنى بكم ولا بمن اتّصلتم به فلا ولاية ولا اتّصال بينكم وبينهم فلا توارث ولا موادّة بينكم وبينهم (حَتَّى يُهاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ) لا في الأمور الدّنيويّة اعتبارا لمفهوم القيد (فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ) لانّ وصلتهم الصّوريّة لها حرمة وعليكم بها حقّ لهم (إِلَّا عَلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ) فانّ الميثاق وان كان حقّه وحرمته أدون من البيعة والإسلام لكن هو أيضا وصلة بنحو ولها حرمة ولا قوّة للوصلة الاسلاميّة من دون اقترانها بالوصلة المعنويّة بحيث تفوق تلك الوصلة (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ) من موالاة من أمرتم بموالاته وترك موالاة من أمرتم بترك موالاته (بَصِيرٌ وَالَّذِينَ كَفَرُوا) بترك البيعة النّبويّة أو الولويّة (بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) بحكم السّنخيّة والمجانسة والّا فهم كالكلاب الضّارية يعضّ بعضها بعضا ، نعم إذا رأت غير جنسها اتّفقت وحملت مجتمعة عليه :
متّحد جانهاى شيران خداست |
|
جان گرگان وسگان از هم جداست |
(إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ) يعنى ما ذكرنا من الموالاة وتكرها انّما هو لصلاح نظام المعاش مؤدّيا الى نظام المعاد لانّه يورث الاتّحاد في الآراء ، وفي ترك موالاة المؤمنين المهاجرين وموالاة الكفّار وان كانوا أرحاما يحصل اختلاف الآراء وبه يحصل فساد نظام المعاش وفي فساده للنّاقصين فساد نظام المعاد فالمراد بالفتنة اختلاف الآراء المستتبع للفساد (فِي الْأَرْضِ) ارض العالم الكبير وارض العالم الصّغير (وَفَسادٌ كَبِيرٌ) لتجرّى الكفّار باختلاف آرائكم عليكم واطّلاعهم بموالاتكم على ما يمكنهم الغلبة به عليكم (وَالَّذِينَ آمَنُوا