بالتّرخيص لكم في نكاحهنّ حين العنت وترجيح التّعفّف عنهنّ مهما أمكن حتّى لا يرد عليكم من مضاجعتهنّ سوءة (يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ) ما هو صلاحكم في معاشكم ومعادكم بتلك الأحكام من تحريم المحرّمات وتحليل المحلّلات وتسنين الاستمتاع بالنّساء والتّرخيص في المكروهات من نكاح الإماء وقت مساس الحاجة والتّعفّف عنهنّ مهما أمكن (وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) من الأنبياء لتقتدوابهم (وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ) بخروجكم عن مشتهى أنفسكم ودخولكم تحت امره بامتثال أوامره ونواهيه (وَاللهُ عَلِيمٌ) فيعلم ما هو أصلح بحالكم (حَكِيمٌ) فلا يأمركم بما ليس فيه صلاحكم (وَاللهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ) كرّره تأكيدا وتصويرا للمقابلة ترغيبا في اتّباع أوامره واجتناب مخالفتها (وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَواتِ) كمن يمنع عن الاستمتاع بالنّساء (أَنْ تَمِيلُوا) عن الطّريق المؤدّى الى نجاتكم (مَيْلاً عَظِيماً) فهو حقيق بالاتّباع وهو احقّاء بالاجتناب (يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ) بتشريع المتعة وترخيص نكاح الإماء حتّى لا يثقل عليكم العزوبة ، وفي الآية تعريض بمن يمنع عن المتعة وانّه من الّذين يتّبعون الشّهوات ويريد إخراجكم من سنن الأنبياء وان يثقل عليكم العزوبة حتّى تدخلوا في الزّنا (وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً) فلا يمكنه مقاومة الشّهوة والصّبر عنها حتّى يدخل فيما يضرّه من الزّنا ولذا رخّص له المتعة ونكاح الإماء وقت خوف العنت ورجّح له التّعفّف عن الإماء مع الإمكان حتّى لا يجانسهنّ بالمضاجعة لضعفه.
تحقيق تعميم الاكل والبطلان
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ) تأديب في الأموال والأنفس.
اعلم انّ الألفاظ كما سبق موضوعة للحقائق باعتبار عناوينها المرسلة من غير اعتبار خصوصيّة من خصوصيّات المصاديق فيها كلّيّة كانت أم جزئيّة ، فانّ لفظة زيد مثلا موضوعة للذّات المخصوصة من غير اعتبار حالة وخصوصيّة من حالاتها وخصوصيّاتها ، فانّه في حال الصّبا زيد وفي حال الشّيخوخة أيضا زيد وكذا بحسب تجسّمه وتجرّده فانّه في حالكونه مع المادّة زيد وفي حالكونه فارغا من المادّة زيد متقدّرا زيد ومجرّدا عن التقدّر زيد ، فلا شيء من خصوصيّات الأحوال ولا من خصوصيّات النّشئات معتبرا في وضعه ولا في إطلاقه ، واستغراب من لا يتجاوز إدراكه عن عوالم الحسّ وحصرهم المفاهيم على المصاديق الحسيّة حجّة لهم لا لنا ، فانّهم بحسب نشأتهم لا يدركون مصاديق سائر النّشئات فلا يمكنهم تعميم المفاهيم وفي الاخبار نصوص وإشارات الى ما ذكرنا ، بصّرنا الله تعالى بها. فالأكل غير معتبر فيه خصوصيّات الاكل الحيوانىّ من إدخال شيء في الفم الحسّىّ ومضغه بالأسنان وبلعه وإدخاله في البطن ولا خصوصيّات الاكل ولا خصوصيّات المأكول ولا خصوصيّات شيء من النّشئات فهو اسم لفعل ما به قوام الفاعل وقوّته وازدياده باىّ نحو كان وفي اىّ نشأة وقع فلعب الأطفال أكل لهم بحسب أكل هو الخيال الحيوانىّ اللّعبى ، وتجارة التّجار وزراعة الزرّاع ونكاح النّكّاح أكل لهم بحسب قوّة من قواهم بل فعل كلّ فاعل في اىّ نشأة كان أكل له ، والمال اسم للمملوك فكلّما كان الملك فيه أقوى كان بصدق اسم المال اولى ، فالاعراض الدّنيويّة الّتى لا حيثيّة مملوكيّة لها الّا ما اعتبره الشّارع أو ما اعتبره العرف حيث يعدّون ما تحت يد الرّجل ماله ومملوكه مال والقوى النّفسانيّة الّتى تحت تصرّف النّفس ولا حيثيّة لها الّا حيثيّة المملوكيّة للنّفس اولى بصدق المال ، وكذا العلوم والصّنائع الّتى