فتبقى فانّ القاعد يبقى متأخّرا عن الرّفقة (مَذْمُوماً) يذمّك الله وخواصّه (مَخْذُولاً) عن نصرة الله ونصرة خواصّه (وَقَضى رَبُّكَ) تكوينا كما امر تكليفا أو امر تكوينا وتكليفا على استعمال القضاء بمعنى إيصال الأمر الى المأمور سواء كان بنحو التّكوين أو التّكليف لكن في امره التّكوينىّ لا يقع التّخلّف وفي امره التّكليفىّ قد يقع التّخلّف أو ثبت في عالم قضائه (أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) ان مصدريّة ولا نافية أو ناهية أو مفسّرة ولا ناهية والمعنى قضى ربّك ان لا يقع منكم عبادة تكوينا الّا له أو ان لا يقع ولا يصحّ تكوينا واختيارا أو لا يصحّ اختيارا وتكليفا منكم عبادة الّا له.
بيان انحصار العبادة في الله
اعلم ، انّ الله تعالى منزّه عن المثل والثّانى ولكن له المثل الأعلى والإنسان مثل أعلى له تعالى ، فمثل الحقّ تعالى في العالم الكبير باملاكه وأفلاكه وأرضه ومواليده مثل النّفس الانسانيّة في العالم الصّغير بقواها العالية والدّانية وأرواحها الحيوانيّة السّماويّة واعضائها الارضيّة وصورها الذّهنيّة ، فشأن الصّور الّذهنيّة بالنّسبة الى النّفس شأن الملائكة المقرّبين الّذين لا شأن لهم الّا التّعلّق الصّرف ولا انانيّة لهم ولا استقلال بوجه من الوجوه وشأن القوى المدركة والمحرّكة شأن النّفوس وعالم المثال ، وشأن الأعضاء شأن عالم الطّبع ، وكما انّه ليس للصّور الذّهنيّة شأن الّا الانقياد الصّرف والعبوديّة المحضة كذلك ليس للملائكة الّا الانقياد والعبوديّة ، وكما انّ الأعضاء إذا كانت سليمة غير مؤفة شأنها الانقياد للنّفس والعبوديّة لها كذلك عالم الطّبع بشراشره إذا كان سليما شأنه الانقياد والعبوديّة ، وكما انّ الأعضاء إذ طرأ عليها الآفة قد تخرج عن انقياد النّفس كذلك أجزاء العالم إذا كانت مؤفة بآفة إضلال الشّيطان أو بآفة العجب والغرور كما في افراد الإنسان والشّياطين والجنّ قد تخرج عن انقياد الله وطاعته ، وكما انّ الأعضاء المؤفة الخارجة عن طاعة النّفس والمنقادة للطّبع بحكم الآفة غير خارجة عن انقياد النّفس مطلقا كذلك أجزاء العالم المؤفة إذا خرجت عن طاعة الله ودخلت في طاعة الشّيطان وعبدت بحكومته سائر أجزاء العالم من الملائكة والسّماويّات والارضيّات والشّياطين والجنّ اختيارا كما انّها عبدت الشّيطان اوّلا من حيث لا تشعر لم تكن خارجة عن طاعة الله تكوينا ، ولمّا كان أجزاء العالم مظاهر لله الواحد الأحد القهّار بحسب أسمائه اللّطفيّة والقهريّة كان عبادة الإنسان لاىّ معبود كانت عبادة لله اختيارا أيضا بخلاف طبائع الاناسىّ فانّها ليست مظاهر للنّفس الّا بوجه بعيد لا يعلمه الّا الرّاسخون ، ولذلك لم تكن الأعضاء المؤفة في حكم الآفة منقادة للنّفس عبادة لها مطلقا فالإنسان في عبادتها اختيارا للشّيطان كالابليسيّة وللجنّ كالكهنة وتابعي الجنّ وللعناصر كالزّردشتيّة وعابدى الماء والهواء والأرض وللمواليد كالوثنيّة وعابدى الأحجار والأشجار والنّباتات كالسّامريّة وبعض الهنود الّذين يعبدون سائر الحيوانات ، وكالجمشيديّة والفرعونيّة الّذين يعبدون الإنسان ويقرّون بالهته وللكواكب كالصّابئة وللملائكة كأكثر الهنود وللّذكر والفرج كبعض الهنود القائلين بعبادة ذكر الإنسان وفرجه ، وكالبعض الآخر القائلين بعبادة ذكر مهاديو ملكا عظيما من الملائكة وفرج امرأته كلّهم عابدون لله من حيث لا يشعرون ، لانّ كلّ المعبودات مظاهر له باختلاف أسمائه ولذلك قيل :
اگر مؤمن بدانستى كه بت چيست |
|
يقين كردى كه دين در بت پرستى است |
اگر كافر ز بت آگاه بودى |
|
چرا در دين خود گمراه بودى |
وقال المولوى المعنوىّ قدسسره :
ساخت موسى قدس در باب صغير |
|
تا فرود آرند سر قوم زحير |
زانكه جبّاران بدند وسر فراز |
|
دوزخ آن باب صغير است ونياز |
آنچنانكه حق ز لحم واستخوان |
|
از شهان باب صغيرى ساخت هان |
ساخت سرگين دانكى محرابشان |
|
نام آن محراب مير وپهلوان |
چون عبادت بود مقصود از بشر |
|
شد عبادتگاه گردنكش سقر |