نفسانىّ أيضا وانّه أقبح الأشياء للمؤمنين وغيره ، وقيل في نزوله : انّهم كانوا يقعدون في الطّريق يتوعّدون من أراد شعيبا ومن آمن به ويلقون الشّبهات على الخلق بإظهار اعوجاج دينه واختلال طريقه كما كان ديدن الخلق كذلك قديما وجديدا خصوصا في زماننا هذا ، أو المقصود نهيهم من القعود في طرق النّفوس كالشّيطان وصدّ سبيلهم الى الله والى خلفائه (وَتَصُدُّونَ) عطف على توعدون (عَنْ سَبِيلِ اللهِ مَنْ آمَنَ بِهِ) اى بالله يعنى تصدّون من أيقن بالله عن سبيل الله الّتى هي قبول النّبوّة بالبيعة العامّة أو تصدّون من آمن بالله بقبول الدّعوة العامّة وبالبيعة النّبويّة عن سبيل الله الّتى هي قبول الولاية بالبيعة الخاصّة (وَتَبْغُونَها عِوَجاً) تطلبون لسبيل الله اعوجاجا حتّى تظهروه على الخلق وتصدّونهم عنها أو تبغونها من حيث عوجها أو تبغونها حالكونها معوجّة يعنى ان كانت معوّجة تطلبونها بخلاف ما إذا كانت مستقيمة لاعوجاجكم (وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ) بعد ما أمرهم ونهاهم بضدّ فعلهم ذكّرهم نعمة الله الّتى هم فيها من البركة في النّسل أو في المال ليكسر به سورة غضبهم حتّى يستعدّوا لقبول نصحه بتذكّر النّعمة وشكرها (وَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ) ذكّرهم النّعمة الّتى هي اثر رحمته تعالى والنّقمة اللّاحقة لأمثالهم بسبب الإفساد الّتى هي اثر غضبه جمعا بين اللّطف والقهر والتّبشير والإنذار كما هو وظيفة الدّعوة والنّصح (وَإِنْ كانَ طائِفَةٌ مِنْكُمْ آمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا) الإتيان بأداة الشّكّ امّا للتّجاهل أو لشكّ المخاطب (فَاصْبِرُوا) فانتظروا ، الخطاب لمجموع الطّائفتين وعدا للمؤمنين ووعيدا للكافرين (حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ بَيْنَنا وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ) امّا في الدّنيا بنصرة المحقّ على المبطل أو في الآخرة بأنعام المحقّ والانتقام من المبطل.
الجزء التّاسع
(قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنا) بعد العجز عن المحاجّة والحجّة أجابوه بالتّخويف كما هو شأن أهل الزّمان من المبادرة الى التّهديد بالقتل ونحوه عند العجز عن الحجّة (أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا) لمّا كان اعتقادهم انّ شعيبا كان على ملّتهم ثمّ خرج منها وادّعى النّبوّة إعزازا لنفسه قالوا : لتعودنّ ، أو كان (ع) قبل التّكليف مستنّا بظاهر سننهم ثمّ خرج منها حين الرّشد أو حين إظهار النّبوّة أو غلّب جانب اتباعه في اطلاق العود ، عليه أو العود بمعنى الصيرورة من الأفعال النّاقصة ، وعلى اىّ تقدير لا يلزم منه ان يكون (ع) على ملّة باطلة حتّى يرد انّ الأنبياء (ع) معصومون عن الخطاء والشّرك (قالَ أَوَلَوْ كُنَّا كارِهِينَ) تعيدوننا في ملّتكم يعنى انّ الدّخول في الملّة حقيقة لا يكون الّا عن اعتقاد بصحّتها ، ولا يقع الاعتقاد بصحّة ملّة الّا من حجّة ، ولا حجّة لكم على صحّتها بل لي الحجّة على بطلانها فكيف يتصوّر لي الدّخول في ملّتكم مع كراهتي للدّخول فيها (قَدِ افْتَرَيْنا عَلَى اللهِ كَذِباً) مصدر تأكيدىّ أو الكلام مبتن على تجريد الافتراء من مفهوم الكذب (إِنْ عُدْنا فِي مِلَّتِكُمْ) يعنى ان عدنا في ملّتكم يلزمنا الافتراء على الله وهو الّذى افرّ منه واذمّكم عليه ، ولزوم الافتراء امّا باعتبار ادّعاء النّبوّة من الله ، أو باعتبار تصحيح ملّتهم مع انّها عند الله باطلة ، أو باعتبار ابطال ملّتهم قبل العود فانّه يلزم عند العود