صارت ملكة أو غير ملكة لكن كانت ثابتة في خزانة العقل مال ، والخطاب في بينكم لجماعة الّذكور سواء كانوا في العالم الكبير أو في العالم الصّغير الانسانىّ في نشأة الطّبع أو في غيرها والنّساء مرادة أيضا تغليبا ، والباطل يقال لفعل لا غاية له أو لا غاية عقلانيّة أو عرفيّة له ، ولفعل لم يصل الى غايته ، ولسنّة وطريقة لم تبتن على أساس مستحكم ، ولسنّة لم تبتن على أساس الهىّ ، ويقال لما لا حقيقة له أصلا كالاعدام ، ولما لا حقيقة له في نفس الأمر كالسّراب ، ولما لا تحقّق له بالذّات بل بالعرض كالماهيّات ، ولما لا تحقّق له بنفسه بل بالعلّة كالوجودات الامكانيّة ، ولما اختفى تحقّقه بحيث يكون الغالب عليه الاعدام كالملكوت السّفلى فانّها باطلة لغلبة الاعدام عليها وان كان يصدق عليها أيضا بسائر معانيه ، فالآية الشّريفة بحسب مصاديقها لها وجوه عديدة بعضها فوق بعض : فاوّل مصاديقها ما هو أقرب الى فهم العوام من الاكل المعروف بالمضغ والبلع ومعناها لا تأكلوا بالمضغ اعراضكم الدّنيويّة بينكم بالطّريق الباطل الّذى لم يسنّه الشّارع ولم يبحه ، أو بالمبدء الباطل الّذى هو النّفس والشّيطان فانّ الحاكم والمحرّك للفعل امّا النّفس والشّيطان أو العقل والرّحمن وقد علمت انّ الشّيطان باطل لغلبة الاعدام عليه ، وثانيها لا تصرفوا أموالكم الدّنيويّة بينكم بالباطل بمعنييه وهو أيضا قريب من فهم العامّة ، وثالثها لا تفعلوا أفعالكم بينكم بالباطل بمعنييه ، ورابعها لا تفعلوا أفعالكم التّكليفيّة القالبيّة النّبويّة بالمبدء الباطل أو بالغرض الباطل ، وخامسها لا تفعلوا أفعالكم التّكليفيّة القلبيّة الولويّة بينكم بالباطل بمعنييه ، وسادسها لا تصرفوا قواكم بينكم بالباطل ، وسابعها لا تصرفوا ولا تأخذوا علومكم ، وثامنها لا تصرفوا مدد حيوتكم ومادّة حيوتكم ، وتاسعها لا تأخذوا مشاهداتكم ومشهوداتكم (إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ) بما سبق يمكن التّعميم (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) امّا مربوط بالمعطوف عليه لانّ صرف الأموال من غير معيار مورث لقتل الأنفس والنّهى عنه كالعلّة للنّهى عنه أو حكم مستقلّ وتعميمه لا يخفى (إِنَّ اللهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً) علّة لنهيه تعالى عن صرف الأموال بالباطل وقتل الأنفس فانّ رحمته داعية الى هذا النّهى كسائر التّكاليف (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ) الصّرف والقتل (عُدْواناً) لعدوان أو فعل عدوان أو عدى عدوانا أو حالكونه عاديا أو يفعل عدوانه ذلك على ان يكون تميزا يعنى من يفعل ذلك عن عمد وتجاوز عن حدود الله أو عن عداوة من نفسه (وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ ناراً وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ) كأنّه قيل : وايّنا يخلو من صرف المال بالباطل خصوصا على ما فسّر؟ ـ فقال : تسلية وتطييبا ان تجتنبوا (الى آخر الآية) وقد اختلف الاخبار والأقوال في بيان الكبيرة ففي بعض هي سبع وفي بعض أكثر مع اختلاف في بيان أنواعها فلا بدّ من ميزان به يوزن الأعمال ويجمع بين الاخبار والأقوال.
تحقيق الكبير والصّغير
فنقول : الأفعال من حيث انّها حركات وسكنات لا توصف بالحسن والقبح لاشتراكها في تلك الحيثيّة ولا من حيث نسبتها الى الإنسان لاشتراكها فيها أيضا ، ولا من حيث أنواعها المخصوصة كالصّوم والصّلوة والجهاد والقتل والنّهب والفساد لاتّصافها بالحسن تارة والقبح اخرى ، بل الحسن والقبح يلحقان الأعمال من حيث نسبتها الى العقل والجهل فكلّ عمل يصدر عن الإنسان بحكومة العقل وطاعته خصوصا عقل الأنبياء والأولياء الّذين هم العقول الكلّيّة المحيطة في اىّ صورة كان العمل فهو حسنة وبحسب درجات الطّاعة وقبول الحكومة بالشّدّة والضّعف تتفاوت درجات الحسنة بالشّدّة والضّعف والصّغر والكبر ، وكلّما صدر عن حكومة الجهل وطاعته خصوصا الجهل الكلّى الّذى هو