وسدّ فاقتهنّ وقضاء حاجتهنّ وعليهنّ الانقياد وقبول نصحهم وحفظ غيبهم (فَالصَّالِحاتُ) منهنّ لا يخرجن ممّا هو شأنهنّ وحكمهنّ بل هنّ (قانِتاتٌ حافِظاتٌ) لانفسهنّ واموال أزواجهنّ (لِلْغَيْبِ) اى في غيبهنّ عن الأزواج أو غيب الأزواج عنهنّ على ان يكون اللّام بمعنى في أو حافظات للأشياء الغائبة عن نظر أزواجهنّ من أموالهم وانفسهنّ (بِما حَفِظَ اللهُ) نسب الحفظ هنا والتّفضيل هناك الى نفسه اشارة الى انّ كلّ من اتّصف بصفة كمال انّما هو من الله لا من نفسه (وَ) امّا غير الصّالحات (اللَّاتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَ) خروجهنّ عن طاعتكم فآداب المعاشرة معهنّ مداراة بالنّصح وان لم يكففن فبالمهاجرة قليلا بحيث لا تنافي قسامتهنّ فان لم تنجع فيضربهنّ بحيث لم يقطع لحما ولم يكسر عظما (فَعِظُوهُنَ) بالقول (وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ) بالاستدبار عنهنّ (وَاضْرِبُوهُنَ) فبين الإفراد ترتيب (فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً) بالإيذاء والتّحكّم بما لم يرخّصه الشّارع (إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيًّا كَبِيراً) فلا تغفلوا في اعلائكم على النّساء عن علوّ الله عليكم فيورثكم الغفلة التّعدّى عليهنّ (وَإِنْ خِفْتُمْ) يا أولياء الزّوجين أو ايّها الحكّام (شِقاقَ بَيْنِهِما) اى الاختلاف والنّزاع فانّ كلّا من المتنازعين في شقّ غير شقّ الآخر «ف» أصلحوا بينهما فانّه من لوازم الايمان والقرابة والحكومة ولا تكلوهما الى أنفسهما ف (فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها) يكونان بحسب القرابة شفيقين لهما مريدين للإصلاح ويكون ارادتهما للإصلاح مؤثّرة فيهما فانّه كما يكون امزجة الأقرباء متناسبة في الصّحّة والمرض سريعة التّأثّر من أحوالهم في الأغلب كذلك يكون نفوسهم متناسبة في الأغلب سريعة التّأثّر فالحكمان من الأقرباء (إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً) بينهما يؤثّر ارادتهما في نفوس الزّوجين ويستعدّان بذلك التأثّر لافاضة التّوافق من الله بينهما وان يستعدّا لذلك (يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُما إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً) بما به يستعدّان للتّوافق فيأمركم به (خَبِيراً) بكيفيّة التّوافق وهو أهل خبرة الإصلاح (وَاعْبُدُوا اللهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً) لمّا أراد أن يبيّن آداب حسن النّسبة مع الاحقّاء ببذل المحبّة وحسن الصّحبة قدّم نفسه لانّه احقّ الاحقّاء بحسن النّسبة وبذل الخدمة وبيّن طريق حسن النّسبة معه بإخلاص العبوديّة ونفى الشّركة في العبوديّة لانحصاره فيهما وأطلق طريق حسن النّسبة مع غيره لعدم انحصاره في امر مخصوص ورتّب المستحقّين للخدمة بحسب ترتّبهم في الاستحقاق ولتعميم الوالدين للرّوحانيّين واستحقاقهما التّفرّد في النّظر وعدم الإشراك بهما ولذلك فسّر الكفر والشّرك في الآيات في تفاسير المعصومين (ع) بالكفر والإشراك بعلىّ (ع) أو بالولاية قرنهما بنفسه ، وأسقط الفعل وأخّر المصدر ليوهم انّ قوله بالوالدين عطف على الجارّ والمجرور وانّ المعنى (وَ) لا تشركوا (بِالْوالِدَيْنِ) أحسنوا (إِحْساناً) بهما (وَبِذِي الْقُرْبى).
تحقيق الوالدين وسائر الأقرباء وتعميمهم
والوالدان هما اللّذان باعدادهما وحركاتهما المخصوصة أو جد الله نطفتك وأصل مادّتك وهذه السّببيّة كلّما كانت في شيء أقوى كان باسم الوالد أحرى وان كان العامّة العمياء يخصّون هذا الاسم بالمعدّ لنطفتك الجسمانيّة غافلين عن كيفيّة تولّدك الرّوحانىّ فالأفلاك والعناصر آباء للمواليد ، والعقل والنّفس الكليّان والدان لعالم الطّبع ، إذ بإلقاء الأفلاك بحركاتها الدوريّة وكواكبها الّتى هي كالقوى الانسانيّة الآثار على العناصر وقبول العناصر لها كتأثّر