عنه ف (ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) ولا سيّما عمدة ما آتاكم وهي قوله بعد ما قال : الست اولى بكم من أنفسكم ، الا ومن كنت مولاه فهذا علىّ (ع) مولاه ؛ ولا خلاف بينهم انّه من الرّسول (ص).
تحقيق معنى اولى الأمر
(وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) لم يكرّر أطيعوا اشارة الى تعيين اولى الأمر وانّ اولى الأمر من كان شأنه شأن الرّسول وامره امره وطاعته طاعته حتّى لا يكون لكلّ طاعة غير طاعة الآخر ، وتفسير اولى الأمر بامراء السّرايا والسّلاطين الصّوريّة الاسلاميّة نقض لصدر الآية أو التزام نسخ له أو التزام اجتماع النّقيضين لانّه لا نزاع في وجوب طاعتهم في امر الدّنيا أو لمحض التّقيّة ؛ انّما النّزاع في طاعتهم في امر الدّين من غير تقيّة ويلزم منه ما ذكر ، لانّ واو العطف للجمع والسّلاطين بعضهم فسّاق وقد يكون أمرهم خلاف امر الله وامر رسوله (ص) فلا يمكن الجمع بين الطّاعات الثّلاث فوجوب طاعتهم امّا ناقض لوجوب طاعة الرّسول (ص) أو ناسخ له أو التزام لاجتماع النّقيضين ، فانّ السّلاطين الجائرة يكون أمرهم بقتل النّفس المحرّمة مناقضا لنهيه تعالى عنه وكذا حال أمرهم بشرب الخمر لندمائهم مع نهيه تعالى عنه ، وتقريره انّه إذا كان المراد بأولى الأمر السّلاطين على ما زعموا يلزم وجوب طاعتهم في جميع ما أمروا ونهوا بصريح الآية وعدم ما يخصّصه ، لا يقال : المخصّص هو صدر الآية فانّ الأمر بطاعة الله والرّسول (ص) مقدّما على طاعة السّلطان يفيد وجوب طاعة السّلطان فيما لا ينافي طاعتهما ، لانّا نقول : يكون الأمر بطاعة السّلطان حينئذ لغوا لانّ امره ان كان مطابقا لأمر هما فالأمر بطاعة الاوّلين كاف عن ذلك الأمر ، وان كان منافيا فوجوب طاعتهما يفيد عدم وجوب طاعته ، وان كان غير معلوم مطابقته وعدمها فامّا ان نكون مأمورين بتشخيص المطابقة وعدمها ثمّ بالطّاعة وعدمها فبعد التّشخيص يأتى الشّقّان ، أو لم نكن مأمورين بتشخيص المطابقة فامّا ان نلتزم انّ امره مبيّن لأمر الله ورسوله ومطابق له فهو خلاف الفرض والتزام لمذهب الخصم ، أو لا نلتزم ذلك فيلزم حينئذ من الأمر بطاعته الإغراء بالحرام من الله والتّوالى باطلة ، وكلّما وجب طاعة السّلاطين في جميع ما أمروا ونهوا يلزم وجوب طاعتهم فيما يخالف امر الله ونهيه ويناقضهما ؛ فامّا ان يكون وجوب طاعتهم مقدما على وجوب طاعة الله مع بقاء وجوبها فيكون نقضا أو رافعا لوجوب طاعته وبيانا لانتهاء أمد وجوبها فيكون نسخا أو نلتزم بقاء الوجوبين فجواز اجتماع النّقيضين ، فان تعلّق الأمر والنّهى بقضيّة واحدة في زمان واحد مستلزم لجواز إيجاب تلك القضيّة وسلبها وهو التّناقض. فالحاصل انّ ارادة السّلاطين من اولى الأمر مناقضة مع صدر الآية بخلاف ما لو أريد بأولى الأمر من كان شأنه شأن النّبىّ وامره امره وعلمه علمه وكان معصوما من الخطاء والزّلل ، فانّ امره حينئذ يكون موافقا ومبيّنا لأمر الرّسول (ص) ولو لم يكن سوى هذه الآية في إثبات مدّعى الشّيعة لكفت هذه ولا حاجة لهم الى غيرها مع انّ عليه ادلّة عديدة عقليّة ونقليّة دوّنها القوم في تداوينهم ، وتوسّلهم بالإجماع وحديث لا تجتمع أمّتي على خطأ ؛ يدفعه آية الخيرة ، وحديث الغدير في مشهد جمّ غفير بحيث ما أمكن لهم إنكاره على انّ الإجماع محض ادّعاء وافتراء لخروج بعض الصّحابة عن البيعة وعدم حضور كثير في السّقيفة وردّ جمع على ابى بكر الخلافة وتوسّلهم بصلوته بالامّة في حال حياة الرّسول (ص) حجّة عليهم ، لانّ النّبىّ (ص) بعد ما أفاق وعلم انّ أبا بكر امّ بالقوم خرج مع ضعفه وازاله عن مقامه قبل إتمام صلوته وامّ بنفسه ، وهو دليل على انّه لم يؤمّ القوم به بأمره وانّه لا ينبغي له الامامة والّا كان تقريره عليها في حال حياته واجبا ، وحديث : سيّدا كهول أهل الجنّة ؛ يدفعه العقل والنّقل لانّ أهل الجنّة على أشرف الأحوال وهي حال الشّباب كما ورد انّ أهل الجنّة جرد مرد ، وحديث : لو لم ابعث لبعث عمر ؛ يكذّبه قول النّبىّ (ص) في حقّ من تخلّف عن جيش اسامة وردّه عليه في أمره بإحضار