كلامك واتيانى بهم الى ميقاتك حتّى لا يتّهمونى بالكذب وإهلاك من جئت بهم الى ميقاتك (أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا) من الجرأة على طلب الرّؤية (إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ) ان العجل وخواره الّا فتنتك على ان يكون مقطوعا من سابقه على ما روى انّ الله أخبره بضلال قومه بالعجل ، فقال : يا ربّ ان كان السّامرىّ صنعه فمن أخاره؟ ـ فقال : انا ، فقال : ان هي الّا فتنتك ، أو على ان يكون السّبعون المختارون من عبدة العجل اختارهم لميقات التّوبة فاخذتهم الرّجفة لهيبة الله ، أو المعنى ان أسماعهم لكلامك حتّى طمعوا في سؤال الرّؤية الّا فتنتك أو ان الرّجفة منك الّا فتنتك ، وتأنيث الضّمير على الوجوه السّابقة لمراعاة الخبر (تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشاءُ أَنْتَ وَلِيُّنا) المتصرّف في أمورنا (فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغافِرِينَ وَاكْتُبْ لَنا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةً) لمّا كان الحسن الحقيقىّ هو الولاية فكلّ ما كان مرتبطا بالولاية من علم وخلق وفعل فهو حسن بحسنها ، والسّير على طريق الولاية أيضا حسن بحسنها ، وتسهيل السّير بقوّة الولاية ورفع موانع السّير وقلّة الامتحانات في الطّريق والذّكر المأخوذ من الامام والاتّصال بملكوت الامام كلّها حسن بحسنها ، والتّاء في الحسنة للنّقل فتفسيرها بالولاية وبالطّاعة وبتوفيقها وبتسهيل السّير ورفع موانع السّير وتقليل الامتحانات ودوام الذّكر وتمثّل صورة الشّيخ كلّها صحيح (وَفِي الْآخِرَةِ) أيضا حسنة والحسنة في الآخرة هو شهود الحقّ تعالى في مظاهره بمراتبها : ونعم ما قال المولوىّ قدسسره بالفارسىّ في تفسير الحسنة في الدّنيا والآخرة :
راه را بر ما چو بستان كن لطيف |
|
مقصد ما باش هم تو اى شريف |
(إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ) من هاد يهود إذا رجع (قالَ) جوابا له : انّ لي سخطا ورضى وعذابا ورحمة ولكلّ أهل ، فلي انّ اعذّب من كان أهلا للعذاب ، وارحم من كان أهلا للرّحمة (عَذابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشاءُ) ولمّا لم يكن المعصية سببا للعذاب على الإطلاق لم يقل من عصاني (وَرَحْمَتِي) الرّحمانيّة (وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ) لانّها صفة الوجود والوجود قد أحاط بكلّ موجود في الدّنيا والآخرة (فَسَأَكْتُبُها) اى الرّحمة الرّحيميّة بطريق الاستخدام (لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ) المحرّمات الّتى أصلها اتّباع ائمّة الجور الّذى أصله اتّباع أهواء النّفس (وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ) حقوق المال الحلال وفضول التّمتّعات المحلّة والالتذاذات المباحة المأمور بها بان يتمتّع ويلتّذ ويقلّل منها تدريجا وقوّة القوى العلّامة والعمّالة بصرفها في قضاء حقوق الاخوان وعبادة الرّحمن (وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنا يُؤْمِنُونَ) وهذه صفات مترتّبة فانّ التّقوى بهذا المعنى مقدّمة على الزّكاة ، والزّكاة الّتى هي تضعيف قوى النّفس مقدّمة على ادراك كون الآية التّدوينيّة أو التّكوينيّة آية ، والايمان بها بعد درك كونها آية وللاشارة الى انّ الايمان هو المقصد الأسنى كرّر الموصول (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَ) أبدل عن الموصول الاوّل أو الثّانى للاشارة الى انّ الوصف الجامع للاوصاف الثّلاثة هو اتّباع الرّسول (الْأُمِّيَ) المنسوب الى امّ القرى كما في الرّوايات أو المنسوب الى الامّ لكونه لم يكتب ولم يقرأ ولم يحصّل شيئا من الكمالات الانسانيّة مثل زمان ولادته من أمّه (الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ) باسمه ونعته وأنصاره ومبعثه ومهاجره كما في الرّوايات ، فانّ الأنبياء (ع) ولا سيّما موسى (ع) وعيسى (ع) بشّروا به أممهم واثبتوا خبره في