اتَّخَذُوا الْعِجْلَ) معبودا (سَيَنالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ) في الآخرة (وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) بقتلهم أنفسهم (وَكَذلِكَ) الجزاء من الغضب والّذلّة (نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ) فتنبّهوا يا أمّة محمّد (ص) ولا تفتروا ولا تأخذوا العجل والسّامرىّ خليفة بعد محمّد (ص) والافتراء اعمّ ممّا وقع قولا أو فعلا أو حالا أو اعتقادا ، ولمّا توهّم انّ المفترى جزاؤه ما ذكر مطلقا وصار سببا ليأس أهل المعاصي سيّما على تعميم الافتراء استدركه بقوله (وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِها) بالتّوبة العامّة النّبويّة والبيعة الظّاهرة ان لم يكونوا من أهل البيعة الظّاهرة أو بالتّوبة الخاصّة الولويّة والبيعة الباطنة ان كانوا من أهل البيعة الظّاهرة أو استغفروا بينهم وبين الله وندموا على معاصيهم (وَآمَنُوا) بقبول الميثاق العامّ واحكامه ، أو الميثاق الخاصّ واحكامه ، أو بالبيعة الخاصّة الولويّة ان كان المراد بالتّوبة التّوبة العامّة أو أذعنوا بالله ان كان المراد من التّوبة الاستغفار بينهم وبين الله (إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها) من بعد السّيّئات أو التّوبة (لَغَفُورٌ رَحِيمٌ وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ) استعار السّكوت للسّكون أو شبّه الغضب بالأمر استعارة تخييليّة (أَخَذَ الْأَلْواحَ) الباقية بعد القائها وانكسار بعض وارتفاع بعض وبقاء بعض (وَفِي نُسْخَتِها) ما نسخ منها بالكسر والرّفع أو ما نسخ وكتب في الألواح الباقية (هُدىً وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ) فانّهم المنتفعون بالمواعظ دون من استمعها سماع الأسمار (وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ) من قومه (سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا) روى عن الرّضا (ع) انّه سئل : كيف يجوز ان يكون كليم الله موسى (ع) بن عمران لا يعلم انّ الله لا يجوز عليه الرّؤية حتّى يسئله هذا السّؤال؟ ـ فقال : انّ كليم الله علم انّ الله منزّه عن ان يرى بالأبصار ولكنّه لمّا كلّمه الله وقرّبه نجيّا رجع الى قومه فأخبرهم انّ الله كلّمه وقرّبه وناجاه ، فقالوا : لن نؤمن لك حتّى نسمع كلامه كما سمعته وكان القوم سبعمائة الف فاختار منهم سبعين ألفا ثمّ اختار منهم سبعة آلاف ثمّ اختار منهم سبعمائة ثمّ اختار منهم سبعين رجلا لميقات ربّه ، فخرج الى طور سيناء فأقامهم في صفح الجبل وصعد موسى (ع) الى الطّور وسأل الله ان يكلّمه ويسمعهم كلامه وكلّمه الله وسمعوا كلامه من فوق وأسفل ويمين وشمال ووراء وامام ، لانّ الله أحدثه في الشّجرة ثمّ جعله منبعثا منها حتّى سمعوه من جميع الوجوه ، فقالوا : لن نؤمن بانّ هذا الّذى سمعناه كلام الله حتّى نرى الله جهرة ، فلمّا قالوا هذا القول العظيم واستكبروا وعتوا بعث الله عليهم صاعقة فاخذتهم الصّاعقة بظلمهم فماتوا ، فقال موسى (ع) : يا ربّ ما أقول لبني إسرائيل إذا رجعت إليهم وقالوا انّك ذهبت بهم فقتلهم لانّك لم تكن صادقا فيما ادّعيت من مناجاة الله ايّاك؟! فأحياهم وبعثهم معه ، فقالوا : انّك لو سألت الله ان يريك تنظر اليه لأجابك فتخبر كيف هو ونعرفه حقّ معرفته فقال موسى (ع) : يا قوم انّ الله لا يرى بالأبصار ولا كيفيّة له وانّما يعرف بآياته ويعلم باعلامه ، فقالوا : لن نؤمن لك حتّى تسأله فقال موسى (ع) يا ربّ انّك قد سمعت مقالة بنى إسرائيل وأنت اعلم بصلاحهم فأوحى الله اليه : يا موسى (ع) سلني ما سألوك فلم أؤاخذك بجهلهم ، فعند ذلك قال موسى (ع): (رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قالَ لَنْ تَرانِي وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ) وهو يهوى (فَسَوْفَ تَرانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ) بآية من آياته (جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً فَلَمَّا أَفاقَ قالَ سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ)(فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ) إهلاكنا (أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ) يعنى من قبل وعدي بنى إسرائيل بإسماع