العدل ، فقال : ليس حبط الأعمال الّا جزاء أعمالهم (وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى مِنْ بَعْدِهِ) من بعد ذهابه الى الميقات تعريض بامّة محمّد (ص) يعنى لا تتّخذوا أنتم من بعد محمّد (ص) عجلا معبودا (مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً) وفي ابدال جسدا رفع إيهام انّه كان عجلا حقيقة (لَهُ خُوارٌ) روى عن الباقر (ع) انّ فيما ناجى موسى (ع) ربّه ان قال : يا ربّ هذا السّامرىّ صنع العجل فالخوار من صنعه؟ ـ قال : فأوحى الله اليه يا موسى (ع) انّ تلك فتنتي فلا تفحص عنها ، وعن الصّادق (ع) قال : يا ربّ ومن أخار الصّنم؟ فقال الله تعالى : يا موسى انا آخرته ، فقال موسى (ع): ان هي الّا فتنتك تضلّ بها من تشاء وتهدى من تشاء ، وعن النّبىّ (ص): رحم الله أخي موسى ليس المخبر كالمعاين الى قومه ورءاهم فغضب والقى الألواح (أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ وَلا يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً) تقريع باعتبار ترك التّفكّر (اتَّخَذُوهُ) صفة سبيلا اى لا يهديهم سبيلا جعلوه سبيلا الى الله أو مستأنف اى اتّخذوا العجل آلها (وَكانُوا ظالِمِينَ) في ذلك الاتّخاذ أو من قبيل عطف السّبب (وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ) هذا مثل في العرب والعجم جميعا كناية عن غاية النّدم والتّحسّر والعجز عن دفع ما يتحسّر على وروده يعنى ندموا وعجزوا عن رفع بليّة عبادة العجل (وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قالُوا) اعترافا بالّذنب وتضرّعا (لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنا رَبُّنا وَيَغْفِرْ لَنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ وَلَمَّا رَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً قالَ بِئْسَما خَلَفْتُمُونِي) خلفه قام مقامه وعمل في خلفه ، وما نكرة موصوفة ، أو معرفة موصولة ، أو معرفة تامّة ، وإذا كانت معرفة تامّة كان خلفتموني حالا ، وعلى اىّ تقدير فالعائد محذوف والمعنى بئس الّذى خلفتموني فيه عبادة العجل فعبادة العجل مخصوصة بالّذم ومحذوفة ، ويجوز ان يكون ما مصدريّة ويكون المعنى : بئس الخلافة خلافتكم لي حيث عبدتم العجل وتركتم امر ربّكم ، ويجوز ان يكون الخطاب لهارون ولمن بقي معه ولم يعبد العجل ويكون المعنى : بئس الّذى خلفتموني فيه من السّكوت عن نهى العابدين والمعاشرة معهم (مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ) اسبقتم امر ربّكم باتّباعى وانتظار الكتاب السّماوىّ وتركتموه ورائكم ، وتعدية عجلتم بنفسه لتضمين مثل معنى السّبق أو المعنى اسبقتم في عبادة العجل امر ربّكم فعبدتم العجل من دون امر منه أو المعنى اسبقتم امر الرّب بانتظار أربعين ليلة فما لبثتم انقضاء الوعد (وَأَلْقَى الْأَلْواحَ) من شدّة الغيظ لله فتكسّر بعضه ورفع بعضه وبقي بعضه كما روى (وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ) لانّه لم يفارقهم ولم يلحق بموسى (ع) بعد ما نهاهم فلم ينتهوا (قالَ ابْنَ أُمَ) نسبه الى الامّ استعطافا لانّ بنى امّ واحدة أقرب مودّة من بنى أب واحد وكان أخاه من أب وامّ وكان أكبر من موسى (ع) بثلاث سنين (إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي) اعتذر عن تقصيره المترائى في منع القوم من عبادة العجل (وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْداءَ) من غير تقصير لي (وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) في نسبة التّقصير الىّ وجعلي مثلهم (قالَ) بعد الافاقة من غضبه (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي) فيما فرّط منّى في حقّه ومنه في حقّ القوم (وَأَدْخِلْنا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) ولمّا فرغ من الاستغفار وطلب الرّحمة صار المقام مقام ان يسأل الله : ما لمن عبد العجل؟ ـ فقال تعالى جوابا لسؤاله المقدّر : (إِنَّ الَّذِينَ