والاسرائيلى ماء ، والقبطىّ يشربه دما والاسرائيلىّ ماء ، فيقول القبطىّ للاسرائيلىّ : خذ الماء في فمك وصبّه في فيّ فكان إذا صبّه في فمه يحول دما ، فجزعوا وقالوا كما قالوا ؛ ولم يفوا فأرسل الله تعالى عليهم الرّجز وهو الثّلج فماتوا وجزعوا وأصابهم ما لم يعهدوه فكشف عنهم الثّلج فخلّى عن بنى إسرائيل فاجتمعوا وخرج موسى (ع) من مصر واجتمع اليه من كان هرب من فرعون وبلغ فرعون ذلك فقال هامان : قد نهيتك ان تخلّى عن بنى إسرائيل فقد استجمعوا اليه فجزع فرعون وبعث في المدائن حاشرين وخرج في طلب موسى (ع) فغرق في اليمّ (وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشارِقَ الْأَرْضِ وَمَغارِبَهَا) يعنى مشارق ملك مصر ومغاربها أو ملك مصر والشّام (الَّتِي بارَكْنا فِيها) بكثرة النّعم من الحبوب والثّمار وغيرها (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ) عدته الحسنى بإيراث الأرض بقوله تعالى : ونجعلهم الوارثين ، اعلم ، انّ الكلمة غير مختصّة بالحروف المركّبة الحاصلة من تقاطع الهواء التّنفّسىّ مع مخارج الحروف الموضوعة لمعنى من المعاني بل كلّ ما دلّ على غيره من الكلمات العينيّة فهو كلمة ، بل التّحقيق انّ الحقّ المضاف الّذى هو المشيّة الّتى هي نفس الرّحمن وإضافته الاشراقيّة والرّبّ المضاف باعتبار تعلّقه بالمخارج الحقيقيّة الّتى هي الأعيان الثّابتة والمهيّات الاعتباريّة كلمته تعالى باعتبار وحدته وكلماته باعتبار تعدّده فانّ له في نفسه وحدة حقيقيّة ظليّة وباعتبار المهيّات كثرة اعتباريّة ؛ ونحن الكلمات التّامّات ، كما ورد عنهم عليهمالسلام بهذا الاعتبار ، وتسمية المشيّة بنفس الرّحمن باعتبار تطابق العالم الصّغير والكبير وتلك الكلمة باعتبارها في نفسها تامّة ، وباعتبار ظهورها على غيرها توصف بالتّمام وعدمه ، وظهورها تامّة بان تظهر بصورة الولاية والنّبوّة والرّسالة ، وتماميّتها حينئذ كانت اضافيّة ، وتماميّتها الحقيقيّة إذا كانت بصورة الولاية المطلقة فيصير صاحبها خاتم الولاية ، وبصورة النّبوّة المطلقة والرّسالة المطلقة فيصير صاحبهما خاتم النّبوّة والرّسالة كما في محمّد (ص) وعلىّ (ع) ، وتماميّة النّبوّة والرّسالة النّاقصة تماميّة اضافيّة ان تظهر بجميع ما من شأنه ان تظهر به من قبول أحكامها وإنجاز مواعيدها وترتّب فوائدها ، ومن جملة تماميّة نبوّة موسى (ع) ظهورها بإتمام مواعيدها ورفع موانع رواجها من منع فرعون وقومه ، والتّوصيف بالحسنى للاشارة الى انّ كلماته باعتبارها في أنفسها تتفاوت وتتّصف بالحسن والاحسنيّة وان كان كلّها باعتبار اضافتها اليه تعالى حسنة غير متّصفة بعدم الحسن ، وبعد ما عرفت انّ الرّبّ المضاف هو الولاية المتحقّق بمطلقها علىّ (ع) وانّ الرّسالات والنّبوّات والولايات الجزئيّة هي مراتب الولاية المطلقة وتنزّلاتها وانّ النّبوّة المطلقة والرّسالة المطلقة أيضا ظهور الولاية المطلقة وتحت تربيتها ، علمت جواز تفسير الرّبّ بعلىّ (ع) والكلمة بموسى (ع) أو برسالته ونبوّته (بِما صَبَرُوا وَدَمَّرْنا ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ) من الأصنام وعبادتها والصّنائع الدّقيقة وآلاتها والابنية الرّفيعة وزخارفها (وَما كانُوا يَعْرِشُونَ) من كروم الجنان والقصور الرّفيعة ، وقوله دمّرنا عطف على تمّت أو على صبروا ، وكون التّدمير سببا لتماميّة الكلمة لما فيه من الدّلالة على القدرة والرّسالة والعبرة لسالكى الآخرة (وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ) بعد مهلك فرعون وايراث الأرض لدعوة العمالقة وقتالهم (فَأَتَوْا عَلى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلى أَصْنامٍ لَهُمْ) اى على عبادتها (قالُوا يا مُوسَى اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ) بيان لسفاهة رأيهم وانّهم لمّا استراحوا من فرعون وقومه تركوا الانقياد وأظهروا الاستبداد لغاية حمقهم وجهلهم (قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ) ذمّهم اوّلا