زعم آخرين ، وبطلان الاتّحاد والحلول لمن ذاق من رحيق التّوحيد لا يحتاج الى مؤنة فانّهما مستلزمان للاثنينيّة والثّانى للحقّ تعالى وهو محال وقد قيل :
حلول واتّحاد اينجا محال است |
|
كه در وحدت دوئى عين ضلال است |
وبطلان الثّالث أيضا لا يحتاج الى مؤنة باعتبار الحصر ولمّا كان أتباع ملّة النّصارى تفوّهوا بهذا القول من غير تحقيق وتعمّق وذهبوا الى التّجسّم المتوهّم من ظاهره ، حكم تعالى عليهم بالكفر وهذا كما مضى مذهب طائفة منهم تسمّى باليعقوبيّة ، ومضى انّ محقّقيهم قالوا بانّ فيه جوهرا الهيّا وجوهرا آدميّا وليس هاهنا مقام تفصيل هذا المطلب وتحقيقه (وَقالَ الْمَسِيحُ) الأنسب ان يكون الجملة حالا بتقدير قد ليكون أبلغ في تفضيحهم وليكون احتجاجا عليهم بقوله تعالى (يا بَنِي إِسْرائِيلَ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ) يعنى انّى مربوب مثلكم فاعبدوا من هو ربّى كما انّه ربّكم (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ) شيئا كائنا ما كان وهو مقول قول عيسى (ع) أو ابتداء كلام من الله (فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ) لانّه أخطأ طريقها وهو التّوحيد (وَمَأْواهُ النَّارُ) لانّ من أخطأ طريق الجنّة سلك طريق النّار لا محالة لعدم الواسطة ولكونه متحرّكا الى جهة من الجهات وخارجا من القوى الى الفعليّات (وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ) وضع المظهر موضع المضمر اشعارا بظلمه وبعلّة الحكم فانّ الظّالم كما لا يتصوّر له ولىّ يتولىّ أموره ويربّيه كذلك لا يتصوّر له ناصر ينصره من عذاب الله فانّ النّصير والولىّ هما النّبىّ (ص) والولىّ (ع) وخلفاؤهما ، والظّلم عبارة عن الانصراف والاعراض عنهما وعن التّوحيد ، والمعرض لا يستحقّ القبول لانّه لا إكراه في الدّين ومن لم يكن مقبولا لم يكن له نصرة ولا ولاية ، واكتفى بذكر الأنصار لانّه إذا لم يكن له ناصر لم يكن له ولىّ بطريق اولى ، أو لانّه يستعمل كلّ من النّصير والولىّ في الاعمّ منهما إذا انفرد ، أو هذا كان تعريضا بمن قال بعد ذلك في الائمّة (ع) مثل ما قالوه في المسيح (ع) (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ) اعلم ، انّ للنّصارى كاليهود وكالمسلمين مذاهب مختلفة في فروعهم وأصولهم ، فمنهم من قال بالأقانيم الثّلاثة ، الأب والابن وروح القدس ، والاقنوم بمعنى الأصل وهؤلاء معظم النّصارى يقولون : انّ الإله ذات واحدة لا كثرة فيه وانّه تشأّن بشؤن ثلاثة بشأنى الابوّة والبنوّة وبشأن روح القدس ، ولا ينفصم وحدته بتشأنّه ويمنعون من القول بانّ الآلهة ثلاثة وبانّ الله ثالث ثلاثة وقيل بالفارسيّة.
در سه آئينه شاهد أزلي |
|
پرتو از روى تابناك افكند |
سه نگردد بريشم ار أو را |
|
پرنيان لإخوانى وحرير وپرند |
لكنّ الاتباع لعدم تجاوز هم عن المحسوسات والكثرات إذا تفوّهوا بمثل هذه المقالة لا يدركون منها غير الآلهة الثّلاثة ، وانّ الله الّذى هو أب باعتقادهم واحد من الثّلاثة ولا يدركون منها ما يريد منها محقّقوهم من انّه تعالى حقيقة واحدة مقوّمة لكلّ ممكن متجليّة في كلّ مظهر ، واختصاص بعض المظاهر بالمظهريّة انّما هو لشدّة ظهوره تعالى فيه ، وانّ عيسى (ع) وروح القدس لمّا كان كلّ واحد منهما أتمّ مظهر له تعالى وكذا ما سمّى بالأب سمّوهم باسم الأقانيم فردّ الله تعالى عليهم مقالتهم الّتى يلزمها التّحديد والتّشبيه لله تعالى ، وما ورد في الآيات والاخبار من انّه تعالى رابع ثلاثة انّما هو للاشارة الى قيّوميّته تعالى لكلّ الأشياء وظهوره بكلّ مظهر ودخوله في كلّ الأشياء لا بالممازجة ولا كدخول شيء في شيء (وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا إِلهٌ واحِدٌ) هو الحقيقة الغيبيّة الظّاهرة في كلّ المظاهر (وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ) حتّى يقول الاتباع بتقليد المتبوعين بالالهة الثّلاثة فيكفروا من