عتبة (١) بن فرقد : يا عبد الله ألا تعينني على ابني؟ فقال عبد الله : يا عمرو ، أطع أباك. فقال : يا أبه ، إنّما أنا رجل أعمل في فكاك رقبتي فدعني ، فبكى أبوه ثمّ قال : يا بنيّ إنّي لأحبّك حبّين ، حبّا لله ، وحبّ الوالد لولده ، قال : يا أبه إنّك كنت أتيتني بمال بلغ سبعين ألفا ، فإن أذنت لي أمضيته. قال : قد أذنت لك ، فأمضاه حتّى ما بقي منه درهم (٢).
وعن أحمد بن يونس اليربوعيّ ، عمّن حدّثه قال : قام عمرو بن عتبة يصلّي ، فقرأ حتى بلغ (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ) الآية (٣). فبكى حتّى انقطع ، ثمّ قعد ، فعل ذلك حتّى أصبح (٤).
ويروى أنّ حنشا جاءه في الصلاة ، فالتفّ على رجله ، فلم يترك صلاته (٥).
وروى عبد الله بن المبارك (٦) عن عيسى بن عمر قال : كان عمرو بن عتبة بن فرقد يخرج على فرسه ليلا ، فيقف على القبور ، فيقول : يا أهل القبور قد طويت الصّحف ، وقد رفعت الأعمال ، ثم يبكي ويصفّ (٧) قدميه حتّى يصبح فيرجع فيشهد صلاة الصّبح (٨). رواها النّسائيّ عن سويد بن نصر ، عن ابن المبارك في «السّنن» ، وعيسى لم يدرك عمرا.
__________________
(١) في الأصل «عقبة» وهو تحريف.
(٢) حلية الأولياء ٤ / ١٥٦.
(٣) سورة غافر ـ الآية ١٨.
(٤) حلية الأولياء ٤ / ١٥٨.
(٥) روى أبو نعيم من طريق : بشر بن المفضّل ، عن سلمة بن علقمة ، عن محمد بن سيرين قال : كان عمرو بن عتبة لا يزال رجلا يتشبه به قد صحبه ، فبينما هو ليلة في فسطاط يصلّي خارجا من الفسطاط إذ جاءه أسود حتى مرّ في قبلة صاحبه عمرو فلم ينصرف ، ثم أتى الفسطاط فجاء حتى انطوى على رجل عمرو فلم ينصرف ، فلما أراد أن يسجد جاء حتى انطوى في موضع سجوده فسجد عليه ـ أو قال فنحّاه ـ ثم سجد ، فلما أصبح عمرو دخل عليه فأخبره بمرّ الأسود بين يديه وأنه لم ينصرف وهو يرى أنه قد صنع شيئا ، فأراه عمرو وأثره على رجله وأخبره بما صنع.
(٦) في الزهد ـ ص ١٣ رقم ٢٩.
(٧) في الزهد : «يصفن» بمعنى يضم. والمثبت يتفق مع ما في حلية الأولياء.
(٨) الزهد ، حلية الأولياء ٤ / ١٥٨.