سيكون في قومك أمور ، فلا تدخل معهم في شيء ، فلما كان من أهل المدينة ما كان ، كتب مع مسلّم بن عقبة كتابا فيه أماني ، فلما فرغ مسلّم من الحرّة بعث إليّ ، فجئته وقد كتبت وصيّتي ، فرمى إليّ بالكتاب ، فإذا فيه : استوص بعلي بن الحسين خيرا ، وإن دخل معهم ، في أمرهم فأمّنه واعف عنه ، وإن لم يكن معهم فقد أصاب وأحسن (١).
وقال غير واحد : قتل مع الحسين ابن عمّه مسلّم بن عقيل بن أبي طالب ، وقد كان في آخر سنة ستين ، قتله ابن زياد صبرا ، وكان الحسين قد قدّمه إلى الكوفة ، ليخبر من بها من شيعته بقدومه ، فنزل على هانئ بن عروة المرادي ، فأحسّ به عبيد الله بن زياد ، فقتل مسلما وهانئا.
وممّن قتل مع الحسين يوم عاشوراء إخوته بنو أبيه : جعفر ، وعتيق ، ومحمد ، والعباس الأكبر بنو علي ، وابنه الأكبر علي ـ وهو غير علي زين العابدين ـ ، وابنه عبد الله بن الحسين ، وابن أخيه القاسم بن الحسين ، ومحمد بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ، وأخوه عون ، وعبد الله ، وعبد الرحمن ابنا مسلّم بن عقيل ، رضياللهعنهم (٢).
* * *
(وفيها) : ظنّا وتخمينا ، قدم على ابن الزبير وهو بمكة المختار بن أبي عبيد الثقفي من الطائف ، وكان قد طرد إلى الطائف ، وكان قويّ النفس ، شديد البأس ، يظهر المناصحة والدهاء ، وكان يختلف إلى محمد بن الحنفيّة ، فيسمعون منه كلاما ينكرونه ، فلما مات يزيد استأذن ابن الزبير في المضيّ إلى العراق ، فأذن له وركن إليه ، وكتب إلى عامله على العراق عبد الله بن مطيع يوصيه به ، فكان يختلف إلى ابن مطيع ، ثم أخذ يعيب في الباطن ابن الزبير ويثني على ابن الحنفيّة ، ويدعو إليه ، ويحرّض أهل الكوفة على ابن مطيع ، ويكذب وينافق ، فراج أمره واستغوى طائفة ، وصار له شيعة ، إلى أن خافه ابن مطيع ، وهرب منه ، كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
__________________
(١) سير اعلام النبلاء ٣ / ٣٢٠ ، ٣٢١.
(٢) انظر تاريخ الطبري ٥ / ٤٦٨ ، ٤٦٩ ، وتاريخ خليفة ٢٣٤.