الكوفة عبد الله بن يزيد الخطميّ (١) من قبل ابن الزبير ، فنبّهوه على أمر الشيعة ، وأن نيّتهم أن يتوبوا ، فخطب الناس ، وسبّ قتلة الحسين ، ثم قال : ليس هؤلاء القوم وليخرجوا ظاهرين إلى قاتل الحسين عبيد الله بن زياد ، فقد أقبل إليهم ، وأنا لهم على قتاله ظهير ، فقتاله أولى بكم ، فقام إبراهيم بن محمد بن طلحة ، فنقم عليه هذه المقالة وعابها ، فقام إليه المسيّب بن نجبة فسبّه ، وشرعوا يتجهّزون للخروج إلى ملتقى عبيد الله بن زياد.
وقد كان سليمان بن صرد الخزاعي ، والمسيّب بن نجبة الفزاري ـ وهما من شيعة علي ومن كبار أصحابه ـ خرجا في ربيع الآخر يطلبون بدم الحسين بظاهر الكوفة في أربعة آلاف ، ونادوا : يا لثارات الحسين ، وتعبّدوا بذلك ، ولكن ثبّط جماعة وقالوا : إنّ سليمان لا يصنع شيئاً ، إنما يلقي بالناس إلى التهلكة ، ولا خبرة له بالحرب ، وقام سليمان في أصحابه ، فحضّ على الجهاد وقال : من أراد الدنيا فلا يصحبنا ، ومن أراد وجه الله والثواب في الآخرة فذلك ، وقام صخر بن حذيفة المزني فقال : آتاك الله الرشد ، أيها الناس إنما أخرجتنا التوبة من ذنوبنا ، والطلب بدم ابن بنت نبيّنا ليس معنا دينار ولا درهم ، إنما نقدم على حدّ السيوف.
وقام عبد الله بن سعد بن نفيل الأزدي في قومه ، فدخل على سليمان ابن صرد فقال : إنما خرجنا نطلب بدم الحسين ، وقتلته كلهم بالكوفة ، عمر ابن سعد ، وأشراف القبائل ، فقالوا : لقد جاء برأي ، وما نلقى إن سرنا إلى الشام إلا عبيد الله بن زياد ، فقال سليمان : أنا أرى أنه هو الّذي قتله ، وعبّأ الجنود وقال : لا أمان له عندي دون أن يستسلم ، فأمضي فيه حكمي ، فسيروا إليه ، وكان عمر بن سعد في تلك الأيام خائفا ، لا يبيت إلا في قصر الإمارة ، فخرج عبد الله بن يزيد الخطميّ ، وإبراهيم بن محمد فأتيا سليمان بن صرد ، فقال : إنكم أحبّ أهل بلدنا إلينا ، فلا تفجعونا بأنفسكم ، ولا تنقصوا عددنا
__________________
(١) في الأصل «الحطمي» ، والتصحيح من (اللباب في تهذيب الأنساب ج ١ ص ٤٥٣).