وليس من الصواب أن يقال : أرسلنى (١) إلى نفسك ثم قال : ستحمله الرواة إليك عنى.
ومن خطل الوصف قول أبى ذؤيب (٢) :
قصر الصّبوح لها فشرّج لحمها |
|
بالنّىّ فهى تثوخ فيها الإصبع |
تأبى بدرّتها إذا ما استكرهت |
|
إلّا الحميم فإنه يتبضّع (٣) |
قال الأصمعى : هذه الفرس لا تساوى در همين ؛ لأنه جعلها كثيرة اللّحم رخوة (٤) تدخل فيها الإصبع. وإنما يوصف بهذا شاء يضحى [بها] ، وجعلها حرونا (٥) إذا حرّكت قامت ، إلا العرق فإنه يسيل (٦).
والجيد قول أبى النجم :
جردا تعادى كالقداح ذبله |
|
نطى اللحم ولسنا نهزله |
نطويه والطّىّ الدّقيق يجدله |
|
طىّ التجار العصب إذ تبجله |
__________________
(١) تفسير لقول النابغة «ألكنى». قال فى اللسان ـ نقلا عن الجوهرى : وقول الشعراء ألكنى إلى فلان يريدون كن رسولى وتحمل رسالتى إليه. ثم قال نقلا عن ابن برى : وألكنى من آلك إذا أرسل وأصله أألكنى ثم أخرت الهمزة بعد اللام فصار الئكنى ثم خففت الهمزة أن نقلت حركتها على اللام وحذفت. وعجز بيت النابغة المذكور كما فى ديوانه :
سأهديه إليك إليك عنى
(٢) ديوان الهذليين : ١٦ ، ١٧.
(٣) قصر : حبس. فشرج لحمها بالنى : جعل فيه لونين من اللحم والشحم. تثوخ : تدخل.
والحميم : هو العرق. ويتبضع : يتفجر. تأبى بدرتها : أى تأبى بدرة العدو ، ويقال للفرس الجواد إذا حركته للعدو : أعطاك ما عنده ، فإذا حملته على أكثر من ذلك فحركته بساق أو سوط حملته عزة نفسه على ترك العدو وأخذ فى المرح. والبيتين من مرثيته المشهورة ومطلعها :
أمن المنون وريبها تتوجع |
|
والدهر ليس بمعتب من يجزع |
(٤) هذا معنى : فشرج لحمها بالنى.
(٥) هذا معنى : تأبى بدرتها إذا ما استكرهت.
(٦) هذا معنى : إلا الحميم فإنه يتبضع.