الخفية الدقيقة التي تلاحق أهدافها ، فلا تخطئ في أيّ موقع من مواقعها ، لتستسلم الشعوب لها في سقوطها الكبير تحت تأثير الهزيمة النفسية.
وتلك هي الإيحاءات الشيطانية التي تريد من خلالها أن يحزن الذين آمنوا ، ليقودهم الحزن إلى اليأس والسقوط من دون فرق بين شياطين الإنس والجن ، في الوسائل البدائية أو المتحضرة.
ولكن الله يريد للمؤمنين أن يستمدوا قوتهم من قوته ، وإرادتهم من إرادته ، ليستثيروا عمق هذا الإيمان في إيحاءاته الروحية التي تفتح للعقل النافذة الواسعة على الكفرة الإيمانية في خضوع الكون لله في كل شيء ، فلا يملك أي مخلوق النفع أو الضرر إلا بإذن الله ، في إرادته المتعلقة بالأشياء بشكل مباشر أو غير مباشر ، فللإنسان أن يواجه الموقف بكل قوة ، متوكلا على الله ، بعد استجماع كل الأسباب التي أدار الله الكون من خلالها ، بكل تفاصيله ، ليعلم بأن ما أصابه لم يكن ليخطئه ، وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه ، وأن الله على كل شيء قدير ، الأمر الذي يجعل التحدي هو علامة القوة في شخصية المؤمن ، أمام الآخرين الذين يريدون إسقاط شخصيته من خلال إسقاط إرادته ، وهذا ما أراد الله أن يؤكده في هذه الفقرة التالية ، في حديثه عن المؤمنين.
(وَلَيْسَ بِضارِّهِمْ شَيْئاً إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) في قوانينه الجزئية أو الكلية في حركة الكون والحياة والإنسان ، فلا يخافوا من شيء ولا يحزنوا على شيء ، (وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) في ما يوحي به التوكل من الثقة بالله ، والإسلام لأوامره ونواهيه ، ورفض الخوف من القوى الخفية الكامنة في الحياة والإنسان.
* * *