الحذر من الخلفيات العدوانية لبعض الأزواج والأولاد
إن للعاطفة دورها الكبير في حياة الإنسان الشعورية ، بحيث تقوده إلى الاستغراق العاطفي في الناس الذين يتصلون به بصلة القربى النسبية ، أو العلاقة الزوجية المنطلقة في الجانب الغريزي ، والعنصر العاطفي الحميم في ذاته ، فيغفل عن الخلفيات العدوانية التي قد تكون كامنة في داخل هؤلاء لا سيما الأزواج والأولاد. وهذا هو ما تريد الآية أن تثيره في وعي الإنسان المؤمن كوسيلة من وسائل الحذر الواقعي في مواجهته لهذه المسائل.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) الذين يريد الله لهم أن يكونوا الواعين الحذرين المنفتحين على حقائق الواقع في العمق لا في السطح ، في ما يتصل بالعلاقات الخاصة التي تحيط بالجانب العاطفي في حياتهم.
(إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ) كما يحذر الإنسان من عدوه في تعامله معه ، ولا تستسلموا لهم استسلاما عاطفيا لتوافقوا على ما يطلبونه منكم في شؤون الدين والدنيا ، فقد يختفي في داخل كل واحد منهم ما عدو خفيّ يريد أن يورطكم في غير مصلحتكم ويدفعكم إلى البعد عن الله ، في ما هي المسؤولية الشرعية في الدعوة إلى دينه ، وفي الالتزام به ، وفي الجهاد في سبيله ، فيزين لكم القعود والانحراف ، والدعوة إلى سبيل الشيطان للحصول على متاع الدنيا من أهلها الذين يملكون الجاه والمال والسلطان ، فتدخلون جهنم بسبب ذلك من خلال ما تحصلون عليه من غضب الله وسخطه. وربما كانت دعوتهم إلى بعض الأوضاع والخطط المتصلة بمصالحهم الذاتية في شؤون الأوضاع الاقتصادية أو السياسية أو نحوها مما لا مصلحة لكم فيه ، أو مما تقعون فيه في مضرّة كبيرة ، كما يحدث في الاقتراحات التي تدعو إلى إنفاق المال في غير محله ، أو في الموارد المحرمة