في أجواء السورة
وهذه السورة من السور المدنية التي نزلت لتتحدث عن المنافقين كوجود حركيّ مضادّ في داخل المجتمع الإسلامي. فقد كانوا يمثلون الجماعة التي تكيد للإسلام في العمق ، لأنها لا تؤمن به في صميم العقيدة ، ولكنها تعلق إسلامها في الظاهر ليكون ذلك غطاء لها في تحركاتها التي تريد من خلالها أن تنفذ إلى مواقع العصبية العائلية التي تحميها ، وإلى مكامن العلاقات المتنوعة التي تحتضنها ، لأن هناك فرقا بين الكيد الذي يتحرك في عناوين الكفر وبين الكيد الذي يتحرك تحت عنوان الإسلام ، فقد لا يسمح الإسلام للكافرين أن يتصرفوا ضد الإسلام بحرية ، لأن الحاجز الديني الداخلي يدفع إلى الرفض السريح بطريقة لا شعورية ، لأن الجو العام هو جو الصراع مع الكفر. أما الذين يعلنون الإسلام في الظاهر ، فإنهم يملكون حق المسلم في حماية المجتمع له ، مما يجعل من تصرفاته التي يقوم بها ، أو الخلافات التي يثيرها ، تصرفات فردية تدخل في نطاق المشاكل الداخلية الصغيرة بين المسلمين التي لا تترك أية خطورة على الواقع الإسلامي العام.
وهذا ما نواجهه في الكثير من تجاربنا الاجتماعية أو السياسية في داخل الحركة الإسلامية العامة ، في مواقفها الصلبة ضد الاستكبار العالمي المتصل بقواعد الكفر ، فقد نجد الكثيرين ممن يحملون العنوان الإسلامي بطريقة