السياسية ، أو في دائرة الأوضاع الاقتصادية ، فإن الله لا ينهى عن البر بهم ، والعدل معهم ، وليست المسألة في إيحاءاتها الفكرية ، مجرد حالة إنسانية خيرية ، بل هي إلى جانب ذلك حركة عملية في هذا الاتجاه ، لأن أجواء الآيتين ، مع ملاحظة الآيات السابقة ، تؤكد في مسألة المقاطعة ورفض الموالاة على الحالة العدوانية لا على الخلاف الديني ، مما يفسح المجال لعلاقات إنسانية سياسية واقتصادية إيجابية ، فإن كلمة «البر» قد تتسع للكثير من النشاطات العامة ، كما أن كلمة «العدل» قد تتحدث عن التوازن في المواقف والعلاقات.
وإننا نؤكّد دائما على ضرورة التركيز على الاستيحاءات القرآنية في مسألة المفاهيم ، من خلال طبيعة الآفاق التي تطل عليها الآية ، والأفكار العامة التي تثيرها ، والإشارات الروحية التي تلتقي بها في حركة المفاهيم ، وندعو إلى إثارة البحوث الإسلامية حول ذلك كله.
وقد أثار الفقهاء أحاديث متنوعة في ما يتصل بالآية الأولى ، حيث تحدثوا عن أن الصدقة تجوز من المسلم على الذمي من أهل الكتاب ، بل قال أبو حنيفة إنه تجوز عليه زكاة الفطرة والكفارات ، واتفقوا على جواز الوصية له بالمال ، والوقف عليه ، لأن الله تعالى لم ينهنا عن البر به ، وهذه الأمور هي من بعض مفردات البر. وقد نستطيع أن نضيف إلى ذلك الكافر المسالم ، حتى لو لم يكن من أهل الكتاب ، لا سيما إذا لاحظنا أن من الممكن أن تكون الآية شاملة ، إن لم تكن مختصة بحسب مورد النزول ، لأهل مكة المشركين الذين لم يشاركوا الطغاة في القتال أو في المساعدة على إخراج المسلمين ، ولا بد من التأمل في ذلك.
وإذا كنا قد تحدثنا عن مسألة الانفتاح على غير المسلمين المسالمين في العلاقات الدولية أو الحركية السياسية ، فإننا قد نستطيع الإشارة إلى دراسة