وهكذا ميّز الرسول المهاجرين على الأنصار في الأموال التي حصل عليها من بني النضير ، فقد جاء عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يوم بي النضير للأنصار : إن شئتم قسمتم للمهاجرين من أموالكم ودياركم ، وتشاركونهم في هذه الغنيمة ، وإن شئتم كانت لكم دياركم وأموالكم ولم يقسم لكم شيء من الغنيمة ، فقال الأنصار : بل نقسم لهم من ديارنا وأموالنا ونؤثرهم بالغنيمة ولا نشاركهم فيها (١).
وهكذا نرى من خلال حديث ابن عباس أن الرسول كان يريد أن يحل مشكلة هؤلاء المهاجرين ، ويوحي إلى الأنصار بمسؤوليتهم عنهم ، بمقاسمتهم أموالهم وديارهم ، أو بالتنازل لهم عن حصتهم في الفيء ، مما يوحي بمسؤولية كل جيل مسلم عن رعاية جيل الطليعة الإسلامية التي ساهمت في انطلاق الحركة وفي تثبيت القاعدة وامتداد الخط. فكان الأنصار في مستوى المسؤولية ، بحيث أعلنوا عن استعدادهم للمشاركة لهم في أموالهم وديارهم وعن تنازلهم لهم عن حصتهم في الفيء ، وذلك من خلال وعيهم للدور الكبير الذي قام به هؤلاء المهاجرون لمصلحة الإسلام والمسلمين ، مما جعلهم يشعرون لهم بما يشبه الاعتراف بالجميل. وهذا ما أكده القرآن في حديثه عن الأنصار في مشاعرهم الروحية وفي ممارساتهم العملية تجاه المهاجرين.
* * *
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج : ١٩ ، ص : ٢١٧.