ما أوكل أمره إليه ، فلا بد للمسلمين من أن يأخذوا بما آتاهم الرسول ، وأن ينتهوا عما نهاهم عنه ، لأن ذلك هو الذي يمثل الخط الإسلامي المستقيم المرتبط بالله والمنفتح على مواقع رضاه.
وهذا هو الذي يجسد النهج الحركي للمسلمين في ما يواجهونه من التيارات الفكرية والتشريعية المنحرفة عن فكر الإسلام وشريعته ، سواء كانت خاضعة لعناوين سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية ، فلا بد لهم من أن يرفضوها باعتبار أن أوامرها تختلف عن أوامر الرسول ونواهيها تختلف عن نواهيه ، ومفاهيمها تختلف عن مفاهيمه. وقد لا يكفي في السير معها أن تلتقي بعض عناوينها بعناوين الإسلام ، لأن القاعدة التي تحكم العنوان الإسلامي تختلف عن القاعدة التي تحكمها ، لأن الإسلام يؤدي إلى الله ، بينما لا تؤدي هي إليه ، بل تتبع خطوات الشيطان في ذلك كله.
إن هذه القاعدة التشريعية تؤكد على أصالة الموقف الإسلامي في شخصية المسلم ، بحيث يختزن في داخلها الفكرة التي تضع الحد الفاصل بينه وبين الفكر الآخر ، فيعرف المسلم مواقعه الأصيلة في القاعدة الإسلامية ، فلا يضيع في متاهات طروحات الآخرين على مستوى العناوين العامة ، وفي حركة المفردات التفصيلية ، (وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) فإن قيمة التقوى عند ما تكون حالة في الفكر ونهجا في الحركة ، أنها تضبط للإنسان خطواته ، فلا تنحرف عن سواء السبيل ، وتثبت للإنسان مواقعه ، فلا تهتز أمام اهتزازات الأهواء والشهوات. وقد تحتاج التقوى في عمق تأثيرها الحركي في نفس الإنسان المؤمن إلى الشعور العميق بالمسؤولية من خلال التصور الروحي للعقوبة الإلهية الشديدة التي تنتظره إذا انحرف عن مواقع طاعة الله ، لأن القناعة وحدها بالفكرة لا تكفي في الالتزام بها إذا لم يكن هناك نوع من العوامل النفسية المتحركة في نطاق الخوف من الله الذي يحرك في وعي الإنسان المؤمن الشعور الواعي بالرقابة الدائمة على نوازعه الخفية وممارساته السرية