تتمة أربعة أيام ـ لتقدير الأقوات» (١).
أمّا الحاجة إلى هذا التوجيه ، فلأنّ العمل على ظاهرها من كون الأربعة أيام ظرفا لتقدير الأقوات ، يقتضي أن يكون خلق الأرض وما فيها في ستة أيام ، فإذا ضممنا إلى ذلك أنّ خلق السماوات في يومين ، كما يأتي في الآية التالية ، كان المجموع في خلق السماوات والأرض ثمانية أيام.
وقد ذكر صاحب الميزان احتمالا آخر قال : «والإنصاف أن الآية أعني قوله : (وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَواءً لِلسَّائِلِينَ) ظاهرة في غير ما ذكروه ، والقرائن الحافّة بها تؤيّد كون المراد بها تقدير أقواتها في الفصول الأربعة التي يكوّنها ميل الشمس الشمالي والجنوبي بحسب ظاهر الحس ، فالأيّام هي الفصول الأربعة.
والذي ذكر في هذه الآيات من أيام خلق السموات والأرض أربعة أيام : يومان لخلق الأرض ويومان لتسوية السماوات سبعا بعد كونها دخانا ، وأمّا أيّام الأقوات فقد ذكرت أيّاما لتقديرها لا لخلقها ، وما تكرر في كلامه تعالى هو خلق السماوات والأرض في ستة أيام لا مجموع خلقها وتقدير أمرها ، فالحق أن الظرف قيد للجملة الأخيرة فقط ، ولا حذف ولا تقدير في الآية ، والمراد بيان تقدير أقوات الأرض وأرزاقها في الفصول الأربعة من السنة»(٢).
وهذا تفسير طريف قريب للاعتبار ، ولكنه غير ظاهر من سياق الآية التي توحي بأن كلمة اليوم ذات معنى واحد في الجميع ، مع ملاحظة أن هذا لا يحل مشكلة الجمع بين خلق السماوات والأرض في أربعة أيام ، كما هو مقتضى هذا التفسير وبين خلقهما في ستة أيام ، كما جاء في الآيات الأخرى. والله العالم.
* * *
__________________
(١) (م. س) ، ج : ١٧ ، ص : ٣٦٣ ـ ٣٦٤.
(٢) (م. س) ، ج : ١٧ ، ص : ٣٦٤.