(يَنْتَصِرُونَ) : الانتصار والاستنصار طلب النصرة.
* * *
من ملامح شخصية المؤمنين
ما هي ملامح شخصية المسلم في المجتمع. وما هي القيم التي يتبناها بحيث يكون جديرا برضى الله ، وبالحصول على الموقع الرفيع في الدار الآخرة؟
إنّ هذه الآيات تقدم لنا بعض ملامح تلك الشخصية والقيم الدينية التي تحكمها في الحياة.
(فَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا) الذي لا يملك ثباتا ولا امتدادا بل هو مجرد حاجة طارئة لا تلبث أن تزول ، ولذلك كان من الضروري أن لا يعتبر الناس متاع الدنيا أساسا لطموحاتهم في أقوالهم وأفعالهم وعلاقاتهم ونظرتهم العامة إلى الحياة ، بل يتعاملون معه من موقعه الحقيقي كشيء يتناوله الإنسان وهو في الطريق.
(وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقى لِلَّذِينَ آمَنُوا) من رضوانه ونعيمه ، فذلك هو الشيء الثابت المستمر في خلود الموقع في الآخرة ، مما يفرض على الإنسان أن يعدّه طموحه الكبير أو الوحيد الذي سعى إليه من وراء حركته المنفتحة على الله وعلى الحياة ، من خلاله .. ولكن ليس شيئا ينال بالتمنيات ، بل لا بد من الجهد الفكري والروحي والعملي الذي يبني ـ على أساس مضمونه الذي يلتقي بالحق ـ شخصيته ، ويحرك ـ من خلاله ـ مشاريعه ، ويركز عليه علاقاته ، وهذا ما أشارت إليه الفقرات الآتية : (وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) فالإيمان بالله الواحد ، منهج يتسع لكل نشاطات الحياة وتطلعاتها وأوضاعها ، ويوجّه نظرة المؤمن إلى خط الاستقامة الذي يبدأ من الله وينتهي إليه ، بحيث لا يرى إلا الله في كل وجوده .. فهو العنوان لكل علاقة ، وهو الوجه لكل عمل ، وهو الأساس لكل