يفرضها الانفتاح على الآخرين ، ومجاهدة النفس ضد رغباتها العدائية ، وعلى بعض الأوضاع الطارئة الصعبة التي قد تحصل للإنسان من خلال ذلك ، وعلى الوقت الطويل الذي يحتاجه الفكر الهادىء المتزن للوصول إلى الحلول العملية التي تتناسب مع طبيعة المشاكل الموجودة في الساحة ، (وَما يُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) من الإيمان والوعي والإنسانية النابضة بكل معاني الخير والإحسان.
* * *
استجر بالله من تسويلات الشيطان
وقد يكون من الطبيعي أن يعمد الشيطان إلى الدخول على هذا الخط وتحريك كل العوامل التي تمنع الإنسان من الاستقامة ، وتدفعه إلى الانحراف ، وتثير فيه حالة الإرباك الداخلي ، مما قد يغفل عنه الإنسان المؤمن عند ما يندمج في هذا الجوّ الانفعالي ، فيبتعد عن التفكير العاقل الهادىء المتزن ، إلى التفكير المجنون الهائج ، وقد يضعف ـ تبعا لذلك ـ عن اتخاذ الموقف السليم .. وهذا ما أرادت الآية التالية ، أن توجه التفكير إليه :
(وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ) والنزغ ـ كما قيل ـ هو النخس ، وهو غرز جنب الدابة ، أو مؤخرها بقضيب ونحوه لتهيج .. وعلى ضوء هذا فإن التعبير يكون كناية عن تسويل الشيطان ووسوسته الذي يدخل ـ من خلاله ـ إلى مشاعر الإنسان بطريقة تثيره ليأخذ بالأسلوب الأسوأ ويوجه الموقف إلى القطيعة بدلا من التواصل ، وإلى العداوة بدلا من الصداقة ، (فَاسْتَعِذْ بِاللهِ) الذي يعيذ عباده المؤمنين الذين يستجيرون به ، من كل ما يحذرون منه أو يخافونه (هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) فهو الذي يسمع سؤال عباده ، ويعلم حاجاتهم وأفعالهم.
* * *