باعتبار أنه مظهر السلطة. وربما كان كناية عن السلطة المطلقة (يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) ربما كان المراد بالروح ، الوحي أو الرسالة التي تنزل بأمره ، وهو المظهر الحيّ لإرادته ، على من يشاء من رسله الذين اصطفاهم لرسالاته (لِيُنْذِرَ (١) يَوْمَ التَّلاقِ) فيعرّفهم يوم القيامة ، ليفكروا فيه ، وليذكروه دائما وليحسبوا حسابه في كل أعمالهم وأقوالهم ، ليتحملوا المسؤولية فيه ، (يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ) لا يحجبهم حجاب (لا يَخْفى عَلَى اللهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ) لأن الله مطّلع على كل خفاياهم وأسرارهم ، بما لا يعرفونه من أنفسهم.
(لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ) ويتطلّع الجميع إلى السؤال الذي يتحدى كل الواقع الإشراكي الذي يلتزمه الكثيرون في عقيدتهم وانتماءاتهم في الدنيا .. وينطلق الجواب الذي يفرض مضمونه على الموقف كله ، والجمع كله ، في ما يرونه من الواقع المهيمن على الأمر كله (لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ) الذي تنطلق وحدانيته من موقع خلقه للكون كله كما ينطلق قهره من سيطرته المطلقة على الدنيا والآخرة.
* * *
(لا ظُلْمَ الْيَوْمَ ...)
(الْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ) فهذا هو منطق العدل في الآخرة ، كما هو في الدنيا منطق العدل ، والقيمة الروحية والاجتماعية والأخلاقية ، فشعار يوم القيامة (لا ظُلْمَ الْيَوْمَ) لأن الله غنيّ عن ظلم أحد ، لأن الظلم ينطلق من موقع ضعف الظالم أمام المظلوم وما يعيشه تجاهه من عقدة تأكل حسّ الطمأنينة في داخله .. ولذا فلا معنى للظلم هناك ، كما لم يكن هناك معنى للظلم في الدنيا. (إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) فلا يشغله حساب أحد عن حساب غيره ، فهو يحاسب الخلق جميعا كما خلقهم جميعا من دون خطأ في الحساب ، لأنه لا ضغط في هذه المسألة في أيّ شيء.
* * *