أوامر ونواه وتعاليم ، وبذلك يكون المراد من الوحي ، ما يحصل بالإلهام أو بواسطة الملائكة لكثرة إطلاقه في القرآن على ذلك ، ولكن قد ينافي في ذلك ما جاء في الفقرة التالية : (فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ) حيث يتحمل الرسول مسألة الوحي ، بينما يتحمل النبي مسألة التبليغ ، لأن دوره هو دور التلقّي للوحي.
(إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ) فهو الذي لا يقترب إليه أحد في علوّه ، فلا اختيار لأيّ مخلوق في أيّ شأن من شؤون الله من تكليم وغيره إلا بإذنه ، وهو الذي يرعى عباده بحكمته في ما يخطّط لهم ، وفي ما ينزله عليهم ، ما يكلفهم به.
* * *
ما الروح؟
(وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) أي من خلال ما يريد الله أن يكلمك به ، في ما يلقي إليك من كلامه ، كان الوحي هو السبيل إلى ذلك (رُوحاً مِنْ أَمْرِنا) ، والظاهر أن المراد منه القرآن الذي أوحى به الله إليه باعتبار أنه يمثل الروح المعنوية التي يبدعها الله من أمره وإرادته ، فهو الفكر الذي يعطي للمجتمع حياته ، وللحياة العامة والنظام المتوازن لحياة الناس ، حيويّتهما.
وهناك أقوال أخرى في تفسير هذه الكلمة «الروح من أمره». فقد قيل : إن المراد بالروح جبريل ، فإن الله سماه روحا قال : (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ* عَلى قَلْبِكَ) [الشعراء: ١٩٣ ـ ١٩٤] وقال : (قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ) [النحل : ١٠٢].
وقيل : المراد بالروح الروح الأمري الذي ينزل مع ملائكة الوحي على الأنبياء كما قال تعالى : (يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا) [النحل : ٢] ولكن ذلك يقتضي أن يكون الإيحاء بمعنى الإنزال والإرسال ، وهو غير ظاهر.
* * *