في أجواء السّورة
وهذه سورة من السور المكية التي تتميز بالحركية الفكرية في ساحة الصراع بين الدعوة وخصومها من الكافرين والمشركين ، بما يثيره هؤلاء من جدال بالباطل يريدون دحض الحق به ، وما يتحدون به الرسالة من أساليب التكذيب المتنوعة ، وما يهوّلون به من الكلمات والمواقف المعاندة المستكبرة .. وتثير في أجواء ذلك مسألة الاستكبار والعلو في الأرض والتجبر بغير الحق ، وكيف يواجه الله ذلك كله ببأسه وعذابه في الدنيا والآخرة. وتتحرك في داخلها خطوات المؤمنين المنفتحين على الواقع في موقف الدعوة ، وساحة التحدي ، وتتحدث عن تجارب بعضهم في مواجهة الطغيان الشامل حيث يصل الاستكبار إلى ادعاء الألوهية ، ودعوة المستضعفين إلى عبادة شخص يصفه أتباعه بالإله من دون الله ، وتأتي السورة على ذكر قصة مؤمن آل فرعون الذي تمرد على قومه ، وواجههم بأسلوب قويّ فاعل يتميز بالصلابة والحكمة والتحدي ، لتقدم نموذجا لكل الرساليين في ساحة الصراع ، ليزدادوا قوّة وحكمة.
وتتنوع الآيات التي تتحدث عن بأس الله في الدنيا الذي يتجلى في مصارع الأمم السابقة ، وفي الآخرة ، ويتجلى في مشاهد يوم القيامة ، وما أعدّ الله للكافرين من عذاب ، وكيف يواجهون الموقف بكل ذلّة وخضوع وحيرة. وتثير أمام النبي مسألة الصبر في الدعوة ومتابعة الحركة لإعلان كلمة الله ، لأن