انفعالات الناس وعاطفتهم ، لإسقاطه في ساحة الصراع .. كما يفعل كثير من المترفين المتكبرين المتجبرين عند ما يثيرون المعارك الكلامية أمام دعوات التغيير والإصلاح ، ليشغلوا الدعاة إليها بالقضايا الجانبية التي تبتعد بالموقف عن القضايا الأصليّة ، ولكن الله يؤكد أنهم لن يصلوا إلى ما يريدون ، لأن الكبر ليس حالة فكر ، بل هو حالة انفعال لا تلبث أن تتبخر أمام الحقيقة الحاسمة التي تفرض نفسها بالأدلّة القاطعة الواضحة ، وهكذا يتحركون في نهج استكباريّ نحو هدف (ما هُمْ بِبالِغِيهِ) فإن الله يبطل كل كيدهم ومكرهم ، ويوجّه النبي إلى الاستعاذة بالله من كل ذلك. (فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) الذي يسمع ما يتحدثون به من نجاوى الشرّ ، ويبصر حركة تنفيذ مخططاتهم العدوانية.
* * *
(لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ)
(لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ) فالناس يمثلون إحدى ظواهر هذا الكون الكبير ، المتمثل بالسماوات التي تضمّ ملايين الكواكب وملايين الظواهر داخل كل كوكب في ما يعجز الفكر عن الوصول إليه فضلا عن أسراره ، والمتمثل بالأرض التي تضمّ مختلف الظواهر في طبيعتها وفي القوى المودعة في أعماقها ، وفي الموجودات المتحركة في داخلها ، مما لا يدركه العقل ولا يستوعبه الحسّ ، فلا يصل إلا إلى القليل منه .. فإذا كان الله قد خلق السماوات والأرض ، فهل يعجزه خلق الإنسان من جديد ، وإعادته إلى الحياة بعد الموت ، إنها الحقيقة التي يهتدي إليها الناس بتفكيرهم المستقيم الذي يقودهم إلى الإيمان ، (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) لأنهم لا يريدون الأخذ بأسباب العلم ليدركوا الحقيقة من خلال ذلك.
* * *