عنها بإذن الله ، فحرارة الشمس هي التي تبخّر الماء من البحار فتتكاثف وتنزل أمطارا وتجري عيونا وأنهارا ، وقد نلاحظ على ذلك أن الأشعة من العناصر التي تشارك في أسباب هذا الرزق وتكمل تأثيره ، ولكنها ليست رزقا بالمعنى المادّي الذي يفهم عرفا من كلمة رزق.
(وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ) التي تتنوع وتختلف في خصائصها ومواقعها وحرارتها وبرودتها ، وطبيعتها من حيث الشدة والخفة ، وهي تتحرك وفقا للنظام الكوني الذي يربطها بالكثير من الأوضاع المتصلة بحركة الحياة في الأرض ، (آياتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) لأن العقل الذي يدرس كل هذه الظواهر ويدقّق في القوانين التي تحكمها ، وفي الأسرار التي تكمن في داخلها ، لا بد من أن يستوحي منها ، كيف يفتح وعيه على الله الذي هو سرّ كل شيء فيها ، فلا معنى لوجودها بعيدا عنه.
* * *
ما معنى الاختلاف في التعبير عن الآيات؟
وقد تناول المفسرون هذا التنوع في التعبير عن الآيات تبعا لتنوعها ، فقد اعتبر خلق السماوات والأرض آيات للمؤمنين. أمّا خلق الإنسان وسائر الحيوان فهو آيات لقوم يوقنون ، ثم جعل آية اختلاف الليل والنهار والأمطار وتصريف الرياح ، لقوم يعقلون ، فما هو السرّ في هذا الاختلاف ، ولا سيّما إذا عرفنا أن الإيمان حالة يقين ، يحصلها العقل الذي يتحرك فيه الفكر ، ويحتضنه الوجدان .. فهل هو من قبيل التنويع البلاغي للمفهوم الواحد؟ أم هو الاستغراق في وضوح اليقين كما هو الأسلوب القرآني في تنويع التعبير للمعنى الواحد.
وهو خاضع لاختلاف بعض خصائص المعاني في المواقع المتعددة والمتنوعة.