(يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها) فيقفون موقف السخرية من النبي طالبين تعجيل العذاب الذي ينذرهم به ، على سبيل التحدي والتعجيز.
(وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها) خائفون من الوصول إليها ، لأنهم لا يعرفون ما ينتظرهم فيها من نتائج لعدم ثقتهم بأعمالهم التي قدموها ، فلعل فيها بعض الخلفيات الذاتية ، والمشاعر الانفعالية التي تبعدها عن مواقع الإخلاص والقرب من الله .. وذلك الخوف نتيجة عمق إحساسهم بالمسؤولية وخوفهم من نتائجها.
(وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُ) ولهذا فإنهم يواجهونها كما لو كانوا قد شاهدوها ورأوها رأي العين ، خلافا لأولئك الذين يرتابون فيها ، لأنهم لم ينفتحوا على البراهين التي تؤكدها ، فغرقوا جراء ذلك في وحول الضلال ، وامتدوا في مواقعه امتدادا بعيدا.
(أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ) لأن مشكلتهم أنهم يفتحون باب الجدال ، لا للوصول إلى الحق ، بل لإثارة الضباب حوله ، وإضاعة الجهد والوقت بالكلمات اللّامسؤولة .. فضلّوا ضلالا بعيدا ، لأنهم ابتعدوا ـ من خلال ذلك ـ عن الأخذ بأسباب النجاة ، فضاعوا في متاهات الضلال التي تؤدي بهم إلى النار.
(اللهُ لَطِيفٌ بِعِبادِهِ) يرفق بهم ، ويحنو عليهم ، ويمنحهم اللطف الذي ينفذ إلى حياتهم وإلى كيانهم ، بالخير والبركة ، ويتابع ما خفي منها وما دقّ بكل ألوان العناية والرعاية والسماحة ، و (يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ) في ما يحتاجون إليه في أمور معاشهم ، ليسهل عليهم أمرهم ، وليمتد به وجودهم في كل ما يقوم به.
(وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ) الذي تتمثل قوته في رعاية عباده عبر التدبير الكوني ، فلا يمتنع عليه شيء ، كما تتمثل عزته في سيطرته التي لا