وهو في المورد ضد الفرار من العدوّ. وهو بحسب ما له من المعنى أعمّ من الصبر الذي يأمر به الله في قوله : (وَاصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) ، فالصبر ثبات قبال المكروه ، بالقلب بأن لا يضعف ولا يفزع ولا يجزع ، وبالبدن أن لا يتكاسل ولا يتساهل ولا يزول عن مكانه ولا يعجل في ما لا يحمد فيه العجل ، فالصبر ثبات خاصّ.
(وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) : الريح على ما قيل : العز والدولة. وقد ذكر الراغب أن الريح ، في الآية ، بمعنى الغلبة استعارة (١) ، لأن من شأن الريح أن تحرك ما هبت عليه وتقلعه وتذهب به ، والغلبة على العدو تفعل به ما تفعله الريح بالشيء كالتراب ، فاستعيرت لها(٢).
(بَطَراً) : قال الراغب : البطر : دهش يعتري الإنسان من سوء احتمال النعمة وقلة القيام بحقها وصرفها إلى غير وجهها. ويقارب البطر الطرب ، وهو خفة أكثر ما يعتري من الفرح ، وقد يقال ذلك في الترح. والبيطرة معالجة الدابة (٣).
(وَرِئاءَ) : الرياء : المراءاة : هو إظهار الجميل ليرى مع إبطان القبيح.
(تَراءَتِ الْفِئَتانِ) : التقتا ، ورأت كل منهما الأخرى.
(نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ) : النكوص : الإحجام عن الشيء. و (عَلى عَقِبَيْهِ) : حال. والعقب مؤخر القدم. ولذا يكون معنى نكص على عقبيه كناية عن الرجوع القهقرى إلى الوراء ، أي الانهزام.
* * *
__________________
(١) انظر : مفردات الراغب ، ص : ٢١١.
(٢) تفسير الميزان ، ج : ٩ ، ص : ٩٦.
(٣) مفردات الراغب ، ص : ٤٨.