ممّا يجعل منه طاقة حيّة متحركة في أكثر من اتّجاه ، ومن خلال شريعته التي تنظّم له حياته في ما يأكل ويشرب ويستمتع ، وفي ما يعيش من علاقات ، فيتحقق له التوازن في ذلك كله ، فلا تنحرف حياته إلى خط السلبيّة التي تهمل كل شيء حولها ، ولا تتطرف في خط الإيجابية حتى تغلق على نفسها كل باب للحرّية ... وهكذا يمتد التوازن في ما بين النزعة المادية والنزعة الروحية ، إلى الانسجام بين الشخصية الفردية والشخصية الاجتماعية ، فيحسب لكل شيء حسابه ، ويضع كل شيء في موضعه على أساس الحكمة والاتزان ، وذلك هو معنى الحياة في حركة الشخصية ، لأن الإخلال بالتوازن يؤدّي إلى الانحراف في اتجاه الهلاك ، في ما يثيره من الارتباك في حركة المصير.
* * *
أهداف الإسلام للإنسان هي أهداف الحياة عينها
أمّا أهداف الإسلام في ما يريده للإنسان من أهداف وجوده ، فإنّها أهداف الحياة في امتداد المعرفة وعمقها ، في كلّ ما تختزنه من أسرار وتثيره من قضايا وتواجهه من أحداث ، وفي ما تستوعبه من معلومات ، حتى لتدعوه إلى الإحاطة بكل شيء من حوله ، فلا يغيب عنه شيء في ذلك كله ، وفي معنى الحرية التي تجعل للإرادة حريتها ، بعيدا عن الضغوط الداخلية أو الخارجية ، في انطلاقة شجاعة تتمرّد على كل نوازعها وتحدياتها وأوضاعها ، وفي حركة الرسالة في حياته ، ليواجه الحياة من موقع الرسالة التي تتطلع إلى كل زاوية من زواياها ، لتحرك فيها القيم الروحية التي تبني للإنسان إنسانيته ، وتحقق للحياة معناها ، فلا تتجمّد حياته عند حدود حاجاته ، بل تتحرك إلى البعيد البعيد في نطاق القضايا الكبيرة من أهدافه ... وهكذا تكون التضحية بالحياة لونا من ألوان حركة الحياة ، لأن الروح تحيى في أهدافها ، كما يحيى